
الكاتب
القس ثروت ثابت
راعى الكنيسة الإنجيلية بالعباسية
سنودس النيل الإنجيلي
الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر
اهلاً وسهلاً بكم اعزائي الشباب، في كل مكان وحديث مختصر حول موضوع مهم للغاية الا وهو موضوع الالتزام، تلك القيمة الغائبة في حياة الكثيرين خاصة هذه الأيام فضعفت حياتنا، ومجتمعاتنا. لكن أرجو بنعمة الله أن ننتبه إلى هذه القيمة الهامة، ونتدرب أن نكون ملتزمين في كل المجالات فننجح على كل المستويات ونثمر لخيرنا ولمجد الله.
الالتزام ومعناه.
يوجد في داخل كل إنسان صراع بين الروح والجسد، وبين الخير والشر، والإلتزام معناه حسم الصراع لصالح الخير، والقيم والمبادئ، الالتزام عكس الفوضى، التسيب، الإنحلال، الإهمال، الأنامالية، كما إنه التضحية بهدف قريب لذيذ، من أجل هدف بعيد أكثر لذة، كما حدث مع موسى الذي ضحى بكونه وريث عرش مصر لينقذ شعبه.
الإلتزام إحتياج
شبه أحدهم الالتزام بالحزام، بدونه تسقط وتضيع امور كثيرة لذا نحن نحتاج اليه وبشدة في كل مجالات حياتنا. ، الالتزام بالكلمة، بالعهود، والوعود مع الله، والناس، كذلك الالتزام بالمواعيد، تجاه أسرنا، أصحابنا جيراننا، كنيستنا، عملنا، وطننا تقديرًا واحترامًا لأنفسنا، والله، وغيرنا.
في القديم لم يكن الناس يوقعون عقودًا ورقية، بل كانت الكلمة عقدًا مُلزمًا، فكل من ألزم نفسه بشىء كان يتممه لذا هناك عبارة مشهورة ف بلادنا تقول (الراجل يتمسك من لسانه) وهذا عين مانحتاجه اليوم خاصة بين الآباء والأبناء، وبين المؤمنين في الكنيسة، وفي كل العلاقات في المجتمع.
الالتزام ودوافعه
الإلتزام الحقيقي ليس ما ينبع من الخوف، أو رغبة في كسب المديح. أو جذب الأنظار، لكن من تقديرنا للمسؤلية، وإدراكنا إننا وكلاء الله على ما بين أيادينا، واننا صورة المسيح على الأرض، ودورنا الحقيقي هو أن نعيد إنتاج هذه الصورة الجميلة كل يوم وكل اليوم لمن حولنا .
الالتزام يأتي من إدراكي لهدفي ورسالتي في الحياة، كما نرى ذلك بوضوح في حياة الرسول بولس”ولكن أن أبقى في الجسد ألزم من أجلكم، فاذ أنا واثق بهذا أعلم إني أمكث وأبقى مع جميعكم لأجل تقدمكم وفرحكم في الإيمان فيلبي 1: 24، 25 انتبهوا لتلك القاعدة المهمة: كلما كان الهدف واضحًا زاد الالتزام، وكلما كان الهدف عظيمًا هانت التضحيات، والعكس صحيح.
الالتزام ودلالاته
-الالتزام علامة تقدير للمسؤلية تجاه إلهي، و نفسي، وغيري، تخيل معي طالب لم يذهب للامتحان في موعده، او موظف او فلاح لم يذهب لعمله بانتظام! في هذا عدم امانة تجاه نفسه، وعدم تقدير للعمل والوكالة المؤتمن عليها من الرب، وايضًا جريمة في حق الآخرين المُعتمدين على في قضاء حوائجهم.
-هناك ارتباط وثيق بين المسئولية والإلتزام والنجاح والفشل: مسئولية + التزام = تقدم+نمو+ نجاح وإنجاز على كل المستويات، لكن مسئولية- التزام= تأخر+ فشل+ توقف على كل المسئوليات+كوارث + وقت ضائع، تخيلوا معي الكارثة التي يمكن أن تحدث بسبب شاب غير ملتزم بما يخرج من فمه تجاه بنت الجيران، أو ما ينشره على وسائل التواصل مما يسىء لعقائد الآخرين، تخيلوا معي دكتور او ممرض غير مكترث في غرفة العمليات، أو مهندس غير مهتم باشتراطات البناء الآمن، او محامي لم يذهب في ميعاد قضية هامة لموكله، أو تاجر أو مزارع أو ميكانيكي غير. فعلاً غياب الإلتزام = كوارث ومصائب.
-الالتزام علامة رقي وتحضر، وادراك لحضور الله، ومخافة لاسمه، ليس فقط وقت العبادة، بل في كل زمان ومكان.
-الالتزام علامة صدق ايماني، فالايمان ليس مجرد قرار في الماضي بتسليم حياتي للمسيح وانتهى الأمر، لكنه تطبيق عملي لمبادىء ايماني في كلامي وعلاقاتي ووعودي ومواعيدي.
– الإلتزام علامة نضج نفسي، وروحي، ورجولة كما رأينا ذلك في حياة موسى ويشوع ونحميا ودانيال وبطرس ويعقوب ويوحنا “اسهروا. اثبتوا في الايمان. كونوا رجالاً. تقووا” 1كو16: 13
-الإلتزام نصرة على الفوضي والفساد، والشر الذي بداخلنا كبشر. في الإلتزام احترام لله، والنفس، والغير. إنه سر نجاح وتقدم الفرد، والأسرة والكنيسة، والمجتمع. فعندما يلتزم كل عضو في الأسرة أو الفريق، او الكنيسة بدوره يحدث النمو والتقدم ، كما أن الالتزام هام وضروري لبناء جسور الثقة بين البشر بكل فئاتهم في المجتمع.
أخيرًا أقول يعتبر الالتزام خاصة هذه الأيام سباحة عكس التيار لكنه علامة الحياة، والتميز، وعدم السير مع القطيع، نعم هو قيمة مفقودة لدى كثيرين، لكن بقليل من الوعي والجهد والتدريب بإصرار يمكن ان نحييها وكل من يجاهد بضبط نفسه في كل شىء*1كو9: 25 والرب معكم.
محبكم ق / ثروت ثابت راعي الكنيسة الانجيلية بالعباسية
27/ 2/ 2021 .