فهرس الموضوع

الكاتب
القس بيتر نادى
راعى الكنيسة الإنجيلية بداقوف
سنودس النيل الإنجيلي
الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر
في البداية مهم نعرف ما هو الصوم؟
الامتناع عن الطعام لأغراض روحية. يعني لازم يكون في هدف روحي للصوم أصل إليه في نهاية وقت الصوم. لو لم يحدث في حياتي الروحية تطورٍ ونمو بشكلٍ أو بآخر فلا فائدة من هذا الامتناع.
الصوم هل هو الهدف؟
هنا لازم نعرف إن الصوم ليس هو الهدف في حد ذاته ولكنه الوسيلة التي من خلالها أعبر للهدف الذي أتطلع إليه. هو وسيلة أو جسر استخدمه للعبور إلى عمق جديد في علاقتي بالله، وسيلة من خلالها اتدرب كيف أقدم ذاتي على مذبح الله مُقللاً من الروابط الأرضية ومنفكًا منها للانطلاق إلى ما هو روحي، أنا لست كائن مادي فقط؛ لكنني كائن روحي أشبع بالاتحاد بالله واتطلع إليه طيلت أيام حياتي.
مهم الشعور بالاحتياج الدائم
مهما كانت الطريقة التي تصوم بها (سوء الامتناع عن الطعام والشراب، أو الامتناع عن بعض أنواع الأطعمة، أو الامتناع عن الطعام فقط) لابد أن يرافقك طوال وقت الصيام شعور بالاحتياج للأكل. مفيش معنى من أني أصوم عن بعض الأطعمة وأملئ بطني بالطعام. أو أني أصوم بالامتناع التام ثم بعد ذلك أملئ بطني تمامًا.
إن شعوري بالاحتياج هو شيء لابد أن يلازمني طوال الفترة لأن هذا الشعور هو الذي يذكرني بالهدف، فكل ما احتاج إلى الطعام لا أذهب مُسرعًا إلى المطبخ، ولكن أذهب مُسرعًا إلى مخدعي لأطرح نفسي أمام الله واعترف بشكلٍ عملي أن الله هو احتياج حياتي الحقيقي، وأُقر أنه ليس من الأشياء المادية ما يُشبع اشتياق نفسي ويملأ حاجة حياتي، فأنا لست فقط كائن مادي، ولكنني روحي مرتبط بالله. يعني وقت الصوم هو وقت ملئ بالصلاة ودراسة كلمة الله، وليس امتناع عن الطعام فقط.
الصوم هو الدواء الفاعل لتقوية إرادتي، فهو التدريب الذي يجعلها حية وحاضرة دائمًا، بل ومتحدة بإرادة الله فأقول دائمًا: طعامي وشبعي وسروري الحقيقي أن أفعل مشيئة أبي السماوي.
في الصوم أمارس ضبط النفس—وهو أحد أهم أغراض الصوم—أي أتدرب كيف أقول لنفسي لا لعادات خاطئة أو ألفاظ غير لائقة، أو نظرات شريرة، أو أهداف غير مقدسة…الخ
في الصوم استنشق هواء الحرية النقي من العبودية للأشياء المادية. أقول بكل قوة: لا يتسلط عليَّ شيء. أي أتدرب على ترك الأشياء التي أعتقد أنني من الصعب التخلي عنها—ربما جلسة أو عادة رديئة، أو عبودية لمواقع التواصل الاجتماعي أو مشروب أو نوعية لبس ومستوى اجتماعي…الخ.
في الصوم بقول بشكل عملي: الله هو احتياجي الوحيد وليس آخر يمكن أن يُشبع هذا الاحتياج لا الأكل ولا اللبس ولا الشهوة الجنسية وغيرها. الله هو حاجة حياتي.
علاقة الصوم بالمعمودية، إن حدث المعمودية يبدأ ولا ينتهي، فالحدث هو البذرة التي يضعها الروح القدس في الشخص، وتسهر الكنيسة على خدمتها فإذ قبل هذا الشخص عمل الروح القدس؛ تنمو وتصير شجرة مغروسة عند مجاري المياه. في الصوم نمارس بشكل عملي الموت عن العالم والشهوات. وهو امتدادًا أو نموًا طبيعيًا للمعمودية. مدفونين معه في المعمودية، ومدفونين هو فعل مستمر يبدأ بالمعمودية ويمارس ويستمر من خلال الصوم. “نخلع العتيق المائت بالخطية ونلبس الجديد الذي يتجدد وهي رحلة لا تنتهي”.
مفاهيم مغلوطة:
- الصوم ليس لإرضاء الله. فرضا الله غير مرتبط بما أفعل.
- الصوم ليس لغفران الخطايا، فالله غفر خطايانا في يسوع المسيح. الأمر لا يعتمد علينا أبدًا.
- الصوم ليس تقدمه أقدمها لله، ولكنه وسيلة من خلاله أقدم نفسي له.
- الصوم ليس فرضًا، ولكنه ضرورة لنمونا الروحي في علاقتنا بالله.
- الصوم ليس ضغطًا على الله لفعل شيء معين مثل حل مشكلة تواجهني، فالصوم يقودني للجلوس في محضر الله والتفكير بهدوء وطلب الارشاد منه.
- الصوم ليس إذلالاً للجسد، وإنما إنعاشًا للروح.
- الصوم ليس تقييدًا أو سجنًا للحواس، بل انطلاق بغير مُعطل نحو التأمل في الله.
- الصوم ليس كبتًا لشهوة الطعام، بل تخلية إرادية عن هذه الشهوة للإعلاء بها نحو حب الله.