
الكاتب
القس ايهاب نجيب
راعى الكنيسة الإنجيلية بالبياضية البداري، أسيوط.
سنودس النيل الإنجيلي
الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر
الباب الأول: التربية
ماهية التربية
للتربية عدة تعريفات من مناظير مختلفة، فتُعَرَفْ التربية لغةًّ بأصلها، ربَّا أي زاد ونما… وهي لا تخرج عن دائرة النمو والزيادة والتنشئة، والتربية مشتقة من اصول ثلاثة: الأول ربا يربو بمعنى زاد ونما. الثاني ربّ يرُب بوزن مدَّ يمُد، بمعنى أصلحه وتولى أمره، وساسه وقام عليه، الأصل. الأخير هو رَبي يَربَي على وزن خَفِىَ يخفى، بمعنى نشأ وترعرع.[1]
- بينما المعنى الاصطلاحي للتربية، وهو: تنمية الجوانب المختلفة لشخصية الإنسان عن طريق التعليم، والتدريب، والتثقيف، والتهذيب، والممارسة. لغرض إعداد الإنسان الصالح لعمارة الأرض، وتحقيق معنى الاستخلاف فيها. وهي تنمية وزيادة الوظائف الجسمية والعقلية والروحية والخلقية والاجتماعية والجمالية لدى الكائن الحي البشري.[2]
- تعريف أخر، التربية هي رسالة سامية، وهي ليست بمسمى الدور فقط كمسمى أب أو أم ولكنها تكون بدرجة تفعيل دور الأب ودور الأم بالعمل في الخانات المناسبة.[3]
- يعرفها افلاطون: التربية هي إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من جمال، وكل ما يمكن من كمال.[4]
- ويعرفها ارسطو: عملية التربية إعداد العقل لكسب العلم، مثل إعداد الأرض لزراعة النبات[5]
من هذه التعريفات؛ نخلص بأن، لا يوجد تعريف واحد تحديداً، يمكننا من فهم شامل للتربية، بالتالي كل مُعرف للتربية، يعرفها من مُنطلقِ خلفيته العملية، والثقافية والاجتماعية. فنفهم من خلاصة التعريفات السابقة، هي أن التربية “تنمية“، “رسالة فعالة“، “عطاء كامل“، “عملية اعداد“، التعريف الأدق الذي يخدم أكثر اتجاهنا، ويكون محور بحثنا هنا، هو أن التربية هي “عملية اعداد“. لأن هذا التعريف يجلي الغموض حول ديناميكية التفاعل المشترك ذاته، في العملية التربوية بين المُربي والطفل، وأثره البعيد المدى على تشكيل الهوية الشخصية لدى الطفل محل بحثنا.
يوجد خلط كبير بين “التربية” بـ “التعليم” بمجتمعنا المعاصر. ربما ذلك راجع لشيوع المصطلحين معاً، ولترجمة مصطلح Education مرات تربية، ومرات تعليم، فيمكننا ان نميز بينهم كالتالي: التعليم هو الذي يستهدف جانباً أو عدة جوانب من الشخصية، الأقل شمولاً من التربية، أحد وسائل التربية، ويعمل على إكساب معلومة، أو مهارة، أو نقل خبرة معينة، بتأثير إيجابي وسلبي. بينما التربية فهي التي تستهدف تنمية الشخصية كلها. وهي أعم وأشمل من التعليم، فتستخدم وسائل متعددة لتحقيق أهدافها، وتعمل على النمو الشامل المتكامل، وتأثيرها إيجابي في أغلب الأحيان.[6] فالسؤال: هل التربية هي مجرد اعداد عقلي، آم هي اعداد كيان متكامل؟ هناك رأيان. الأول، يقول: كان هيجل الفيلسوف قد طالب بأن يحكم العقل العالم.[7] وهذا معناه إذا اعددنا عقل؛ اعددنا عالم. فقيمة العقل لهيجل هي القيمة العظمى، ربما راجع هذا لهيجل من أجل تبيان أهمية تفعيل دور العقل في المجتمع، بينما الرأي الأخر يقول: أن الإنسان وحده واحدة، لا يقبل التجزئة، ولا الانفصال، أعتقد أن هذا الرأي أشمل من الرأي الأول، نخلص من هذا، أن التربية هي الحياة بكافة أحوالها تشكل الوعي الكامل، وبالتالي الإنسان فيه محدودية العقل، والمشاعر، والقيم التربوية، هي التي تشكل وتقود الفرد، وبالتالي هي التي تحرك العالم، نحو النموذج الحاضر لهذا المجتمع.
من هو المُربي
تربية الطفل بشكل عام تقع خارجياً على عاتق المجتمع، والمدرسة، والكنيسة، والنادي، والشارع، وداخلياً على البعض من افراد العائلة، والوالدين. بالتالي المُربي ليس شخص واحداً، بل جمع يشترك معاً في تربيتهِ، بنسب متفاوتة في التأثير من فرد لأخر، في وضع بصمته التربوية في عملية الاعداد التكوينية للطفل، فالأم هي الأولى في وضع البصمة للشخصية من الشهور الأولى، في فترة تكوين الجنين بالحمل، بحسب دراسات العالم الكندي توماس فيرفي، وأثنى عليه أحمد حسيني سلامة، المدرس لأمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس، فيقول: إن تربية الطفل تبدأ منذ بداية الحمل، وهذا يؤكد أن الجنين يعي ويسمع كل ما حوله، ويري ويتنفس، ولكنه يري الظلام، ويتنفس الماء.[8]
نفهم من هذا أن المسؤولية تبدأ من بدايات شهور الحمل، وليس السنين الأولى، كما هو شائع بالأوساط العرفية. فتصبح المسؤولية هي مسؤولية مشتركة، والدور التربوي قائم من الشهور الأولى للطفل، إلى يومهِ هذا، الذي الان يتربى فيه. السؤال الآن، هل الأم هي صاحبة الدور الأكبر في تشكيل الطفل تربوياً؟
قبل أن أجيب، يلزم أن نفكر ونسأل أيضا؛ هل الأم والأب أنفسهم قد استكملوا عملية الاعداد والتربية من الذين رابوهم؟ اعتقد إنه لم يصل أحد لمستوى الكمال في عملية الاعداد، فالتربية ليست لمجرد اكتمال عمر معين، بل لكون التربية هي عملية دائمة متجددة، بحسب منظور جون دوي المُنظّر التربوي صاحب النهضة التربوية الامريكية “التربية رحلة الحياة بأكملها”. فالتربية قائمة من ذاتها كطاقة ممتدة لخدمة ذاتها، بينما في عملية اعداد الطفل الرضيع نراها قائمة بالحوافز الخارجية المدعمة له للاستمرار، والوجود، وللتشكيل، لغياب التمييز الكامل للطفل. فالطفل لا يرى ذاته بذاته كالناضجين، بل يرى نفسه برضى وسعادة ملامح الوجوه الذين من حولهِ.
نرجع للسؤال، هل الأم هي صاحبة الدور الأكبر في تشكيل الطفل تربوياً؟ فالأم ليست هي صاحبة الدور الأكبر؛ بل هي صاحبة الدور الأوَليِ زمنياً، والتأثير الأطول، والاعمق في الدور التربوي، لارتباط الطفل بمرضعته بالسنين الأولى من نشأته بها، من خلال ملامح العناية والرضاعة، فالأم أو القائم مقام الأم هي التي تقوم بهذه المهمة الأولية بعملية التربية، بقدرٍ كبير، ويشترك معه كل المحيطين بهذا الرضيع، بل يشترك معه أيضاً شكل الهيئة المكانية بالمكان، فيساهم الشكل الجغرافي بالحالة النفسية للطفل قدر كبير من الحالة المزاجية للطفل، فيرتبط شكل المكان ارتباط وثيق بعملية التربية عند الطفل، فتؤثر عليه ايجاباً أو سلباً، لذا يستخدم مهندسي الديكور خاصة بغرف الأطفال في تصميمهم، صور ورسومات جميلة لحوائط الغرفة، تبعث بقدر كبير في بث روح الأمل، والسعادة، والرفاهية لنفسية الطفل، كذلك النظام الداخلي، والترتيب، والنظافة؛ هذا يضع بعض الخطوط الاستقرائية أمام الطفل ليفهم بها شكل الحياة المقبل عليها، وبالتالي تتكون الأولويات في المنظومة العقلية للطفل التي ستقوده في الاختيارات المتاحة فيما بعد، والتي تظهر في شكل الممارسات الحياتية للشخص.
لذا يستمر العالم المحيط بالطفل في صياغة الهوية الذاتية، الخاصة بالفرد، إلى أن يتحول تدريجيا بالنمو، مع مرور المراحل العمرية، إلى أن يُصاغ لقالب معين. يتحدد تفاعله وابداعه بقدر المعطيات التي قدمت له منذ سابق من الحرية الفكرية، والابداعية، بجانب العوامل الأخرى، مثل العوامل البيولوجية، والتغذية الصحية، التي ساعدته في تنمية مداركه ومواهبه.
العملية التربوية هي نتاج مشترك من بعض العمليات المتداخلة معاً، فلا يمكننا الفصل بينهما فهي عملية يكتسبها الفرد من كل ما حوله. وعملية يُكسبها لعدد من غيره، من فرد إلى مالا نهاية من الناس، كالمفاهيم الجديدة، والنظريات العلمية، والعادات السلوكية المتنوعة، سواء كانت ضارة، أو صالحة للإنسان. والعملية الأخرى وراثية، فالجينات الوراثية تلعب بجزء ليس بقليل في تكوين المحصلة التربوية بناءً على دراسات علمية حديثة.[9] فالمتربي يتأثر ويؤثر في غيره. لذا العملية التربوية الإعدادية التكوينية في الأصل هي مجموعة من القيم والطاقات المتبادلة، بين فردين، أو أكثر. وبالتالي من وجود عملية تربوية يلزم ان يكون هناك وجود مادي حقيقي للمُربي، والمتربي، في نقطة زمن ما. وهذا الوجود حتما يلزمه احتكاك ما، سواء مادي كالسمع، والرؤية. أو معنوي، كطبيعة العلاقات، والسمعة، وطبيعة عمل الاسرة. أو بيولوجي كما في الحمل والرضاعة، فعوامل هذا الاحتكاك التربوي يتداخل فيها القيم التربوية التي بعضها صحي، وبعضها ضار، وبعضها مدمر للشخصية وللمجتمع، وهذا التنوع منعكس في القيم الإنسانية، مما يجعل هناك ضرورة لوجود تمايز واختلاف بين الفرد وشريكه في المجتمع الواحد. لذا المكون الأساسي في هذه العملية التربوية هي مجموعة القيم، بالتالي ننتقل لمفهوم القيم وتطورها الزمني.
منظومة القيم المجتمعية وتأثيرها على المتربي
إن القيم ظاهرة اجتماعية في كل المجتمعات الإنسانية، رغم الاختلاف في التحضر والمدنية، وإن اختلفت هذه القيم، من مجتمع إلى آخر، ومن شخص إلى آخر، داخل المجتمع نفسه، فهي تؤدي دورا رئيسا في ترابط وتماسك، واستقرار المجتمع. وعليه فإن معرفة القيم، ودراستها تساعد على فهم الفلسفة العامة لأي مجتمع من المجتمعات يتقاسم أفراده قيما معينة، يتداخل ويتفاعل فيها البعد الوطني والعالمي للتعايش مع الآخر على أساس الحق والعدالة والكرامة والاحترام المتبادل، ولن يتأتى هذا إلا عن طريق إدراك حقيقي للبعد القيمي للحقوق، كمعايير تنظم العلاقة بين الحق والواجب بين الأفراد والجماعات، فيدركون أهمية العلاقة القائمة بينهم، وبين منظومة القيم، للمحافظة على هوية الأمة، وهذا ما يجعل المجتمع يؤدي وظيفته بشكل سليم.[10] لذا تختلف القيم التربوية بالشرق الأوسط عن القيم التربوية بالغرب، فالصدق والولاء والاحترام بالغرب له أهمية أولية في ترتيب المعايير الأخلاقية، بينما بالشرق الشهامة، والشجاعة، والوفاء، فهذا التفاوت في الترتيب القيمي، إن دل يدل على اختلاف مفهوم القيم لدى كل مجتمع بذاته، بالتالي ترتيب أولوية القيم تؤثر بشكل مباشر على الطفل في تكوين أولوياته بالمنظومة الأخلاقية.
فإن القيم مؤشر من مؤشرات الحضارة، ويمكن ملاحظتها وقياسها في أي مجتمع، من خلال سلوكيات أفراده، وما يتلفظون به من ألفاظ. فهي تؤدي دورا مهما في الاندماج بينهم، فتجعل الفرد يتقاسم القيم الجماعية مع غيره، كقيم العدالة، والمساواة، والوفاء، والتضحية، والخير، والجمال، وحب الوطن، والغيرة على أمنه، واستقراره، وتكريس الرغبة في خدمته، ونشر قيم الاعتدال والتسامح واللا عنف، والتحلي بروح المسؤولية والانضباط.[11] فقد صنف علم الاجتماع القيم لقسمين قيم الغايات وقيم الوسائل، والانسان محكوم بأربعة أبعاد لا يستطيع أن ينفك عنها. وهي البُعد البدني، والبعد الأخلاقي، والبعد العقلي، والبُعد الديني. فالإنسان مرتبط بهذه القيم الجوهرية، والضرورية المكونة للمنظومة الفكرية للإنسان.[12] نخلص بأن القيم الفكرية هي
- تصورات ذهنية راسخة تتحكم في توجيه السلوك، تحدد أحكام القبول أو الرفض، وهي تنبع من التجربة الاجتماعية، وتتوحد بها الشخصية، وهي عنصر مشترك في تكوين البناء الاجتماعي والشخصية الفردية، قد تكون واضحة الملامح تحدد شكل السلوك، أو غامضة يتشابك فيها تحديد الموقف، والتفكير فيها مختلطا.
- أن القيم هي “المعتقدات التي يحملها الفرد نحو الأشياء والمعاني وأوجه النشاط المختلفة والتي تعمل على توجيه رغباته واتجاهاته نحوها، وتحدد له السلوك المقبول والمرفوض والصواب والخطأ وتتصف بالثبات النسبي.”[13] فالبذرة التربوية هنا ليست القيم وحدها، بل المحددات التفسيرية التي تفسر هذه القيمة. فوحدة القياس تختلف من حضارة إلى أخرى، ومن مجتمع لمجتمع، لكن القيمة ثابتة، متغيرة التفسير، ربما هذا الاختلاف التفسيري يرجع لطريقة تناول هذا المبدأ، وربما يرجع لعوامل بيولوجية، وربما مناخية، أو لضغوط بيئية مختلفة.
يمكننا تصنيف القيم على انها القيم القومية الوطنية -القيم الاجتماعية-القيم الإنسانية-القيم المعرفية العلمية-القيم الشخصية-القيم الدينية.[14] هذه التصنيفات للقيم تحكم العقلية التربوية التي تتحكم بمصير الانسان بشكل عام، ويستمد منها الفرد الصورة الذهنية لنفسه، وللعالم المحيط به، لكن يأتي التحدي في هذا الدور التربوي من الأسرة، من غرس لهذه القيم، إشكالية التحكم الموضوعي من جانب الابوين في تشكيل الهوية الشخصية لهذا الفرد، ليقدمه في تناسب لقيم المجتمع، والاسرة، لإدارة حياته بإرادته المنفردة، تخلوا من الاعتمادية على الأخر. وعليه نسأل؛ ماذا لو كان المُربي قامعًا تربوياً لابنه الغير مميز؟ للإجابة نحتاج لأن ننتقل للتربية القمعية وعلاقتها بالطفولة.
الباب الثاني: التربية القمعية
ما هو القمع:
- بمعجم اللغة: قمع الشخص: 1 -أبعده عما يريد. 2 -زجره وردعه، قهره وذلله قمع غرائزه.[15]
- يعتبر القمع نوع من شكل من اشكال العناد الأُسري لإرغام الاخر نحو توجه معين. او اقصاءه ليعتقد بمنهجية أحادية الرؤية خاصة بالمُربي على حساب حرية الفرد الشخصية، مما يحد آفاق وابداع العقل من القيام بوظيفته، مما ينعكس هذا على سلوك وعقلية الفرد، والمجتمع.
- تختلف هذه الحدية العقلية من شخص الى أخر حسب قوة ومرونة الشخصية، فالاستجابة الفردية الناتجة تتحدد من عدة عوامل. أهمها شكل التربية والعوامل البيولوجية، والمناخ الاجتماعي والسياسي، والاقتصادي، والتعليمي، والمرحلة العمرية، والترتيب الميلادي للطفل.
طبيعة القمع التربوي
إن التربية القائمة على القمع والتسلط تسبب جملة من التشوهات، تترك أثرها على الطفل، فالتربية القمعية تعمق في الطفل طابع الحزن في كل كيانه تقريباً.[16] ففي الأصل الأب، أو الأم محبين وعاشقين بطبيعتهم لأبنائهم، وفي تربيتهم لأبنائهم يعَلمون ويدركون ذهنياَ حجم المسؤولية، ومقدار احتياجهم للقبول وللحب والأمان، والتقدير، والحرية كأساس وجودي لإحياء الذات الإنسانية، لكن هذه المعرفة والمدارك تقف عند مستوى العقل فقط، بالتالي هي بعيدةٌ عن الواقع المعاش المعاصر، فتنفصل الرابطة الحية التي ما بين المعرفة المشمولة بالغريزة الوالدية (الحب والعطاء)، وبين مقتضيات ومتطلبات الواقع المفروضة (الندية وتحقيق الذات) عند الطفل.
أسبابه:
هناك زوايا عديدة لتحديد الأسباب التي تتداخل في قمع الشخصية الإنسانية، فبعضها خارجية والأخرى أسباب داخلية في ذات الفرد، وبعضها مشترك ما بين الخارج والداخل لدى الفرد، لكن استطرد سريعاً لهذه الأسباب للاستفادة بمساحة البحث في النتائج والعلاج. يمكننا أن نبين الأسباب في مجموعتين رئيسيتين كمناخ ملائم ومستحضر لوجود القمع التربوي، وهم:
- الأسباب الشخصية:
- الخوف الغير مبرر.
- الفقر المادي للأسرة.
- الجهل نتيجة لغياب التعليم، مما يخلق نقص بالأدراك والوعي بخطورة بعض السلوكيات التربوية، واهمال معالجة النتائج من وقت مبكر.
- الفشل في إيجاد العمل المناسب.
- الخلافات العنيفة والمستمرة بالحياة الزوجية.
- أزمات عصبية لم تعالج جيداً.
- أمراض جسدية كارتفاع ضغط الدم والسكر، أو الأمراض الذهنية والعصبية
- الحب الشديد والحماية الزائدة.
- الأسباب المجتمعية:
- سوء استخدام السلطة في مواقف فردية، أو مواقف اجتماعية.
- بعض السلوكيات الفردية المجحفة من المجتمع المحيط.
- أسلوب الضبط الأمني والتعليمي بالدولة.
- المعتقدات والثوابت العنيفة المتوارثة.
أثار القمع التربوي
من أهم هذه الاثار التي تقع على الطفل هي الخوف، مثل الخوف من المدرسين، والخوف من الناظر، والخوف من الرقابة السياسية، كذلك عدم توافر الحرية في إبداء الرأي، فلا مكان للعيش في الديمقراطية، عدم وجود ثقافة سياسية لدى الطلاب، أو عدم فهمها، تجنباً للعقاب والفصل من المدرسة، وتجنب المشاكل بعدم الانخراط فيها ليجد حلول.[17] بالإضافة لهذه المساوئ التي تنعكس على الطفل جراء التربية المبنية على القهر. أثار تعطل طاقات الفعل والإبداع لديه، فتظهر بهيئة الإحساس بالضعف وعدم المقدرة على تحمل المسؤولية، والخوف الوهمي، والإحساس بالعجز، وتكوين عقد الذنب، مما يؤدي بدوره إلى الانطواء، والانكفاء على الذات، وعدم تقبل المواجهة، والشعور بالنقص والدونية، مما يجعله أميل للكسل، ورفض الممارسة الديمقراطية بأية صورة كانت.[18] فما مدى اهمية توافر الحرية عند الإنسان؟ يجيب زكريا محمد هيبة، في مقال تحت عنوان، نحو فلسفة لتربية الحرية عند الطفل العربي، فيقول أن:
“الحريات أحد أهم الحاجات الفطرية للإنسان، إذ بمقتضاها وتحققها يستشعر الراحة والرضا، بينما يتسبب غيابها بالتوتر وعدم الاستقرار… والحرية بمعناها المطلق غير موجودة، فلا حرية مطلقة، ولا حرية في فراغ، وإنما تستمد الحرية معناها ومغزاها من الأصول والقواعد. فبدون الحرية لا مسؤولية، وبدون المسؤولية لا محاسبة، وبدون الحرية والمسؤولية والمحاسبة يسلطن الفساد. فالحرية شرط ضروري للمسؤولية… فهي مطلب غريزي مثل بقية الحاجات البيولوجية التي لا يستطيع الكائن الحي الاستغناء عنها، فتخلي الإنسان عن حريته هو في حقيقة الأمر تخلِ عن إنسانيته”.[19]
نخلص بأن، الحرية حق اساسي للإنسان لا غنى عنه، والقهر انتهاك لهذا الحق الأصيل للإنسان.
القمع والتدين:
عندما ينمو الطفل ويدرك يقينيا بشخصيته، يبدأ العقل في النهوض بالهوية الشخصية، الخاصة به، والى أن يصل إلى مرحلة استقلال الشخصية، يكون قد عانى الكثير والكثير من أجل أن يكون نفسه، وهذا العناء يتفاوت قياسيا من شخص لأخر، ويزداد أكثر لو كان الفرد أكثر تديناً، وذلك راجع للآتي:
- الشخصية التي اعتادت أن ترضخ لقهر الوالدين، أصبح من المعتاد أن يقبل أي ضغط خارجي كشيء مسلم به، لضعف ملكة التمييز والنقد والتحليل، بالتالي ضعف في المقدرة على ابداء وإعلان الرفض من أجل تصحيح المسار، نظراً للتعود على ذلك.
- تتشابه الأفكار والعقائد الدينية في قمعها وتأثيرها السلطاني (الله) وأيضا الغيبيات (المصير الدنيوي، والأبدي) على العقول البشرية. بجانب الأفكار، والمعتقدات الموروثة الخاطئة، ذات الصبغة العنيفة.[20] والنماذج التي شكلت بقهرٍ وعي الفرد، بالتالي يَفهم الشخص المقموع تربوياً(فكرياً)، وهو الأكثر عرضه لقبول واعتياد اقماع عقله، إرضاءً لله، واقناعاً للمجتمع الكنسي بتقواه، وهي في الحقيقة خنوع، وسلبية للشخص المقهور.
- قدم المسيح بعض المفاهيم الإيجابية التي تُرسخ لمعنى الشركة ولقبول الاختلاف، ومنها أن يكون الشخص مسالم لغيرهِ في روح الطاعة والوداعة. بالتطبيق قد يتداخل هذا المفهوم مع الخنوع والسلبية، لربح الأخرين، فربما يوحيَ للبعض أن القهر للذات الذي على هيئة المسالمة لحال المجتمع، والتأقلم عليه، أمر صحي ومطلوب ينتظره المسيح! وعلامة للنمو الروحي، مما يرسخ حالة القهر لدي العابد، ويزيده استنزافاً في الاستمرارية، دون وعي في الابتعاد عن المعنى الحقيقي الذي قصده المسيح.
- كثرة الأعباء الواقعة على كاهل المتدين، والتي تزيد الصراع صراع، بين أن يكون نفسه، ويفكر ويسأل، ويتعلم، ويبدع، ويستقل، وينسحب من الاعتمادية التي تحميه، وتدفعه في أن يكون نفسه بمفردهِ، وبين أن يسالم للنماذج التربوية التي صنعت منه هذا القالب الذي على نفس شكل المُربي في التفكير والتصرف، لكسب الراحة والقبول عند الاسرة، والمجتمع.
هذه الدائرة الصراعية تخلق انقسام داخلي في الهوية الشخصية وخاصة لدى رجال الدين، هذا الانقسام يقود الفرد الى ما هو يعرف بالازدواجية العقلية الفكرية، لذا سأستخدم التعبير “العقلاَحادي” قاصداً منه أن الفرد الذي قُهِرَ فكرياً وسلوكيا؛ بأن يتبع أسلوب واحد في التفكير مع مرور السنين، أصبح عند المقهور، المدارك والملكات العقلية لديه أحادية المنظور، مما ينعكس هذا على أسلوب الحياة بأكملها في العمل والتفكير. خاصة في المناهج والمدارس التفسيرية، فيجد في التعدد اضطرابٍ وخوفٍ، من إعطاء عقلهِ مساحة من التفكير في المدارس النقدية، وتنوع الآراء، فيشعر بالتهديد لكيانه في طرح التنوع أمامه، كذلك في تناول الجديد بشكل عام. سواء فكر أو سلوك، لشيء، أو في سلعة مقدم على شراءها. يبحثون مثل هؤلاء على المناخ الأمن، الذي يحفظ استقرارهم، لكن بالمقابل في طريقهم لمراضاة ذواتهم واسترداد القيمة لأنفسهم، يجدون أنفسهم يترنحون جبراً بين التقليد، والتجديد، مرة في اقصى اليمين وأخرى بأقصى اليسار، تعويضاً للفراغات النفسية، والاحتياجات الجسدية، التي يتوقون لإشباعها. فيسقطون في براثن الازدواجية الشخصية، وبالتالي ينعكس على الازدواجية الروحية. مما يؤكد ذلك دراسة إحصائية أجريت في جامعة بإسبانيا من بعض علماء التربية عن تأثير التربية المتدينة في الأسرة على الروحانية الحالية، وتم تقييم النزعات الدينية في عينة من 599 ممرضة إسبانية، وبعض الطلاب من الطب الذين يستخدمون مقياس التدين والإجابات على سلسلة من الاعتقادات المحافظة في صياغات غير تكفيرية. وأظهرت النتائج أن طلاب التمريض، والطب كانوا متدينين، مع عدم وجود اختلافات في التدين بمجموع الدرجات بين المشاركين من عائلات دينية، ومع ذلك، طلاب الطب القادمين من الأسر غير الدينية أظهرت أعلى نضجاً، وايماناً من الممرضين المتدربين من أُسر أكثر تديناً. ظهر هذا التمييز سواء عبر بنود التدين وفي مجموعة متنوعة من الردود على الاعتقادات، ومن التأكيدات المسيحية العلمانية. التحليل لهذا الانحدار هو أن الخلفية العائلية الدينية كانت مؤشرا ثابتاً على الدين والمعتقدات في سن البلوغ، وتأثيره كان أعلى لطلاب الطب. بالإضافة إلى تأسيس التنشئة الدينية كعامل مهم في تحوير الدين نحو التدين المستمر.[21]
نخلص من هذا، بأن هناك ارتباط وثيق بين التربية القمعية للفكر بازدواج الشخصية، أو ما يسمى التدين الظاهري، الذي يخالف منهج الدين، وبما أن الإنسان وحدة واحدة؛ إذاً ازدواج الهوية الشخصية، هو أيضا انعكاس مباشر وقوي على وجود ازدواج في الهوية الروحية عند الفرد، فالسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا الازدواجية نتيجة مباشرة من إحدى النتائج للتربية القمعية؟ للإجابة نحتاج أن ننتقل لعلاقة القمع بالازدواجية.
الباب الثالث: القمع والازدواجية:
ماهية الازدواجية:
هناك ازدواج “فكري”، وازدواج “سلوكي”، وهناك ازدواج “فكري سلوكي”، الازدواج الفكري هو أن يكون بالذهن أكثر من توجه لنفس الشيء، فهو ازدواج في القيم الفكرية المتنافرة. بينما الازدواج السلوكي هو أن يمارس الفرد فعلين متناقضين لذات الموضوع، لكن الازدواجية الفكري سلوكي، هي أن الفرد يمارس أفعال تناقض قناعته الفكرية، فالفكر في اتجاه، بينما السلوك في اتجاه مناقض تماماً. وهو ما وصف به حال ممثل كنيسة لاودوكية، ” أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا… لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ”. (الرؤيا 3: 15و17). فالتعبير والفكر هنا يقول أنا غني وفائض. بينما السلوك أنا أمارس الشقاء والفقر والعري.
كيف يقود القمع للازدواجية؟
عرفنا من الباب الأول أن للتربية الطفولية دور أساسي ومحوري في تشكيل الهوية الذاتية للإنسان، ولهذه المرحلة العمرية احتياجات أساسية كالحرية، والابداع، حيث وصفتها سناء محمد سليمان، الأستاذة الجامعية بقسم علم النفس، بأنها مطلب غريزي بيولوجي لا يمكن الغنى عنها،[22] عندما تسلب هذه الحرية من الطفل تحت أي مسمى، يصبح الطفل مكبد بالقيود النفسية، بحسب العوامل المشتركة معًا في تكوين شخصية الطفل، وهذه العوامل تزداد وتقل بحسب مدى قوة الشخصية لدى الطرفين، وتكرار المواقف في عنصر الزمن، فإذا حرص المُربي على أن يكون الطفل في قالب واحد، غير سامح له بأن يفكر أكثر، أو أن لا يسلك؛ إلا على خلاف منهجية المُربي، لأصبح الطفل معوق فكرياً، عاجزاً عن تحقيق ذاته. فعندما يفقد المُربي السيطرة على الطفل لأي عامل خارجي، مثل السفر، أو الوفاة، أو للمرض. أو استقلال شخصية الطفل، يكون أمام الطفل الفرصة الأكبر لاختراق السلطة، بتعويض غشيم لكل مشاعر سلبية قد سبق وعانى منها في وجود القاهر له.
فعندما تُنتَقص سطوة المربي القمعية على حرية الطفل، يبدأ الطفل يستنشق عبير الحرية والاستقلال، فتتنشط الخلايا المخية، والحواس الطبيعية، في استرداد طبيعتها التي كانت مسلوبة، والمهددة وهمّاً بالمخاطر بحالة التجرد من دائرة الحماية من المرُبي، ففي هذه المرحلة يتمكن الصراع الوجداني العقلي في المنافسة العنيفة بين الهويتين، هوية المُربي مع الهوية الشخصية الخاصة بالفرد.
في الغالب ما تميل هوية المُربي في اتجاه من اثنين؛ اتجاه التحرر والتسيب، أو اتجاه التشدد والقهر، وهما وجهان يجنح لهما المُربي، فما يميز التشدد إنه يحفز الفرد على الالتزام الذائد (الغير مبرر) في السعي نحو الكمال المطلق، مما يجعله لا يجد اكتفاء في كل ما يفعله، وبالمقابل يتوق الفرد لحياة الحرية، وعندما يسعى لاقتنائها ويتذوق جمالها، يلجأ لتعويض هذا الحرمان بالجنوح نحو الملذات والخطايا، فيشعر الفرد المقهور بالذنب سواء ذنب حقيقي، أو ذنب وهمي. فيشعر بالخيانة والنكران باتجاه المُربي عليه. وهنا يتحول لصراع البقاء، فالانطباع التربوي المتشدد يدور حول اشباع الكمال. بالمقابل الانطباع المتجدد للفرد يدور حول الأبداع العقلي، والتطوير للشخصية، فيشعر المرء بمشاعر الخيانة، لكونه تطور ليس تحت المظلة الوالدية، بل وخالي من التضامن الأصيل من العائلة من نحوه.
عقدة السيطرة سمة اجتماعية وهي مقياس الجاه والصدارة[23] بالتالي تمتد الفجوة اتساعاً كلما زاد الفرد استقلالاً من السيطرة فيكون عارجاً بين النقيضين التشدد أم التحرر؟ وهنا تلعب العوامل الشخصية كالسمات الشخصية، والمحاسبة الذاتية، والمرحلة العمرية البيولوجية، خاصة مرحلة المراهقة، والظروف الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، جميعها يعمل معّاً في المعادلة الشخصية لدى الشاب الساعي في النضج النفسي، والعقلي. فعندما يغيب عنصر المحاسبة الذاتية (الضمير-العلاقة بالله-مخافة الله-حرمة حقوق الأخرين). يستبيح العقل الضابط، والمحرك للفرد، بالتعدي على حقوق الأخرين، كتعويض بأثر رجعي للحقوق التي سُلبت منذ قبل، فهنا تظهر ملامح الحياة الازدواجية لهذا الشاب، وتنتقل من الحيز السري، إلى الساحة العلنية، في مجال التعاملات المختلفة، والعلاقات الوقتية، مع الأخرين. فتتباين وتختلف التوجهات الازدواجية من شخص لأخر بحسب الظروف المختلفة، والعوامل الخارجية الكثيرة، ولنمط الشخصية، فيمكننا ملاحظة التخبط السلوكي كنتيجة لتضارب التوجهات الفكرية المُصدِرة للسلوك، هذه التوجهات هي نتاج لقناعات قد تكونت، وعلقت رسوخاً منذ زمن، من دون انتباه لها بالطفولة، لدى العقل والضمير الشخصي.
صراع الوجدان
الاشكالية من منظور الابن تتأرجح ما بين الحرية الذاتية، والتطبيع للغير، فتكون طرفي هذه الإشكالية متأرجح ما بين الحزم أو التساهل، فيزداد طرفي النقيض إلى ما بين (القمع مقابل التجاهل) من منظور الاب، و(هوس العبقرية مقابل الروتين والاستسلام) من منظور الابن. لذا التحكم الموضوعي على الطرفين يلزم أن يلعب في حيز الوسطية بين هَذين النقيضين، لخلق وعي كفء لتحمل المسؤولية، فهذه الصراعات في الغالب ليست علانية، لكنها ضمنية كامنه في الدوافع التي تتحكم في السلوكيات وتفسير المواقف اليومية. مما يتسبب هذا في خلق الصراع الحقيقي في شخصية المُربي (الوالدين، القائم بمحلهم قريب أو ملجأ ايتام)، بأن يكون الطفل نسخة عقلية وسلوكية منه، ربما راجع هذا لوجود غريزة الانانية بالإنسان، أو ربما يكون للحفاظ علية من مخاطر الحياة وقساوتها، وربما راجع هذا لكون أن لديه حنين لهذه المنهجية العقلية، لأنه بالتجربة قد مضى فيها وبذل فيها العديد من السنين، وقد سلم بها من الشرور، كما تقول الحكمة العامية (الذي تعرفه أفضل من الذي لا تعرفه) حرصاً من تجنب مخاطر المجهول.
بالمقابل نلاحظ بأن الصراع في تكوين الهوية عند الطفل، ما بين تحقيق ذاته، وأن يكون كما هو، لتحقيق نفسه بنفسه، كما عرَّف المطران يوحنا زيزيولاس، أستاذ علم الإباء بجامعة جلاسجو، قائلاً: أن الهوية الإنسانية لكي تبقى كيان بيولوجي حي عليه أن يختبر ويعبر عن نفسه، في نشوة الحياة، ليس بالمنطق وقواعده، وإنما بطريقة تلقائية حرة… فيستنكر ويقول: فكيف يجد الإنسان لذة الحياة ونشوتها وهو مقيد؟ وكيف تنطلق النشوة في كيان الإنسان وهو يحسب كل حركاته ويقيد كل تصرفاته لكي يبقى عضواً غير منبوذ في المجتمع![24] نخلص من هذا بأن القولبة ليست غاية التربية، بل هي منهج تربوي ينكر التمايز والتعدد الفكري، يمارسه المُربي بقصد استنساخ مستمر زمانياً بتطبيع نموذج معين يُحد الطاقة الإبداعية، والحرية الشخصية، بتقييد الآفق الذهنية والسلوكية في نطاق واحد، مما يقود الفرد في انكار لحق المجتمع من التعددية، ويقوده بالتالي إلى التصارع، والتضارب الفكري، والشخصي المُمَنهج كأسلوب حياة قد تَشكل ونمى عليه طيلة سنين حياته.
تقول منى فياض المتخصصة في مجال التربية: أن بسبب هذا الصراع يسعى المرء أن يكون مهيمناً، وإلا فإنه سيصبح مُهيمناً عليه. فليس هناك من خيار آخر ويصبح الحكم “لمن غلب”.[25] فيعاني الفرد المزدوج فكريّاً من التشتت العاصف الذهني والتذبذب من الحين لأخر، وبالتالي غياب للثقة في المحيطين من حولهِ، لغياب النموذج الحر الذي يتبنى مواهبه المختلفة، وفرادته الإنسانية، مما يزيده احباطاً ويأساً.
الباب الرابع: الازدواجية واللاهوت
اللاهوت والحرية
قد خلقنا الله احرار في اتباعهِ من خلال الوصية الوحيدة بجنة عدن. فوجود وصية هي الدليل القاطع على وجود حرية للإنسان وإلا فليس للإنسان فرصة اختيار التبعية لله، بالتالي يقول كاتب رسالة بطرس الأولى “كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ.”[26] فَخُلق الإنسان على أن يكون هو كما يريد، ويحب أن يكون، ليكون أكثر ابداعاً وأعمق فهماً، لكن عندما يتخذ الفرد التدين منهجاً له بالتقوى الظاهرية، وغطاءً لفساده، يسقط في الازدواجية السلوكية والفكرية، فينادي بولس لأهل غلاطية، فيقول: “فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ.”[27] وايضاً واجه بولس الاثينويون، وَقَالَ: “أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَثِينِوِيُّونَ! أَرَاكُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنَّكُمْ مُتَدَيِّنُونَ كَثِيرًا”.[28] لذا التدين والازدواجية وجهان لعملة واحدة، وكلا الوجهان غير لائقان بحسب مفهوم كلمة الله.
النموذج الكتابي وازدواج الشخصية.
يقدم الكتاب المقدس نموذج رائع وجميل يمكننا أن نطبق عليه ما وصلنا له في بحثنا، وهو موسى القائد كليم الله، وللتطبيق نقسم حياة موسى إلى ثلاث مراحل رئيسية، مرحلة التربية والطفولة، مرحلة الصراع على الهوية، مرحلة الاسترداد والحرية، نأتي للشرح والتحليل:
أ/ مرحلة التربية والطفولة
كانت الأجواء السياسية متأججة في وقت ولادة موسى، مع غياب النموذج الأخلاقي، وانهيار الوزع الديني، فكان لا وجود لمعابد للصلاة ولا هناك كهنة يتعاونون مع عامة الشعب، بل كانوا يعملون فوق الطاقة من دون مقابل يليق بتعبهم، ولدا موسى وعاش ثلاث شهور في مخبئ سري وسط أمهِ واختهِ مريم وأخيه هارون، لكن شاءت العناية بأن ينتقل موسى لينمو في مهدهِ في قصر ومملكة تهدد بقاءه وبقاء جنسهِ، فكبر الولد بين يدي وثقافة المُربية (إمه) العبرانية. وفي ذات الوقت في المناخ والحضارة المصرية مع المُتبنين له. فكان موسى يجمع بين المعرفة والفهم لتاريخ تعاملات الله مع الاباء إبراهيم ليوسف والخبرات المختلفة من فن قيادة الحروب وكل حكمة وعلم وتهذيب ملوكي. يعلم موسى أن هذه المرأة يوكابد أمه ولا يستطيع أن يعبر لها إلا على أنها المُربية الخاصة به.
ب/ مرحلة الصراع على الهوية
لا يبقى الحال على ما هو عليه، هذه المشاعر الإنسانية الايجابية، والملكات الفكرية، والابداعية في عقلية موسى لم تجد المساحة لتعبر عن الهوية الذاتية لموسى كشكل من المسالمة السلبية لحماية حياته ولسلامة عائلتهِ من المخاطر التي تعود من الاعتراف بأن عائلة موسى العبرانية ترعى وتترعرع وفي طريقها لتمكين موسى كفرعون جديد للشعب.
أخذ الصراع حدته بوجدان موسى عندما لاحظ ما يفعلوه بعض المصريين من ظلم بحق الفعلة العبرانيين، فكان هنا ذروة الحيرة والتشتت لموسى، وكان السؤال الحائر: لِمَنْ أنتمي، وإلى مَنْ أنحاز؟ أصحاب الفضل والعلم والكرامة، آم أصحاب الحق والعِرق والضعف؟ هذه الحيرة والصراع أخذتهُ إلى الحسم لصالح الحق والعرق وللضعفاء، فكان قهر البحث عن نفسه موسى، أقوى من قهر الظلم الذي راءه من المصري بحق العبراني. فجعله يقتل ابن مملكته، سعيًا حتى يجد ذاته في اكتشاف هويته الشخصية.
لم يكون موسى مدفوعاً من أحد، حينما قتل المصري، وأيضا لم يجاهر علنياً لردع المستعفيين من المصريين. مما يبرر أن لموسى بال، بأن يظل يحافظ على مكانته بالقصر، عسى أن يجد هويته وحريته. فكانت القوة القامعة لموسى هي الحفاظ على حالة الرقي الاجتماعي، والسياسي. وأيضا الحنين والحب الشديد لشعبه المستعبد والمستنزف.
ج/ مرحلة الاسترداد والحرية
تصرخ الذات عند موسى صرخات عنيفة قائلة: “أريد أن أكون نفسي فقط” لا اريد ان أكون ما لأهلي وعشيرتي، ولا أريد أن أكون الحاكم الأمر والناهي على شاكلة رؤساء مصر، فلم يجد موسى نفسه إلا عند ترك الساحة بما فيها وهرب إلى برية سيناء، سعياً لأن يجد الأمان في نفسه، ويكون نفسه، فكان الخوف من الاستسلام، مع غريزة البقاء، القوتان المحركتان لاسترداد الحرية الشخصية، والفرصة الجديدة لموسى، لكي يبني بيته الجديد بزوجته صفوره إحدى بنات كاهن مديان، وبالتالي استطاع موسى بالبرية أن يكون نفسه، في اتضاع وعطاء.
الباب الخامس: التحرر نحو واقع جديد
اولاً: ديمقراطية التربية
ممارسة الديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير هي صيرورة ديناميكية متحولة، ولا تتبع خطاً واحداً نمطياً أو أفقياً.[29] لكي يكون الإنسان ناضج سوي يحتاج الإنسان بشكل أساسي الى الحرية، والابداع في التفكير والتعبير.
فعّل جون ديوي المُنظر التربوي؛ العملية التربوية بإتاحة المزيد من الديمقراطية، والحرية للمُتعلم تقديراً صائباً للدور الفعّال المحوري، وهو المُتربي كهدف العملية التربوية.
لذا يعد الإبداع موهبة كامنة في كل إنسان كبقية المواهب المستترة، لكنها تحتاج إلى إثارة وصقل في ممارسات نوعية مستمرة، كي تكوّن في شخصيته ملكة الابتكار والتحليل، بذهن حاضر عند كل فرصة تفكير، فالكل عليهم إعمال عقولهم، وتفجير مواهبهم، للوصول إلى حالة الإبداع الواقعي في شتى مجالات الحياة الفردية، والاجتماعية.[30] وبالتالي المسؤولية تقع على المُربي بأن يراعي هذه الاحتياجات عند الطفل. فلا يكون مُحجمّاً لمساحة الابداع النشطة، فالرعاية للقاصر يتضمنها التدخل في شئون حياته الخاصة، مع هذا ينبغي على المُربي التمييز بين الرعاية التربوية السليمة، والتدخل بالعقلاحادي للتحكم، حتى لا يقع في استنساخ إنسان جديد على نفس شاكلته، فيحتاج المُربي للكثير من الوعي التربوي والحكمة في التعبير عن هذا الوعي وترجمته لسلوك لائق يناسب طبيعة الموقف، فيكون تدخله غير مباشراً في حياتهِ الشخصية، بدافع الحفظ والرعاية ولمزيد حافز الأمان عند الطرفين.
لذا علينا إعطاء الحرية للعقل بأن يمارس التنقية للقناعات الشخصية التي لها السلطان الأكبر على الفرد في طريقة تفسيره للوقائع والأحداث، التي تدور حوله في حرية كاملة، فكان هنالك حالة حدثت بإحدى الجامعات الكولومبية، بأنه قد حضر أحد الطلاب محاضرة مادة الرياضيات، وجلس في آخر القاعة، ونام بهدوء، وفي نهاية المحاضرة استيقظ على أصوات الطلاب، ونظر إلى السبورة فوجد أن الدكتور كتب عليها مسألتين، فنقلهما بسرعة وخرج من القاعة، وعندما عاد الى البيت بدأ يفكر في حل هاتين المسألتين! كانتا في غاية الصعوبة، فذهب إلى مكتبة الجامعة، وأخذ المراج اللازمة. وبعد أربعة أيام، استطاع أن يحل المسألة الأولى، وهو ناقم على الدكتور الذي أعطاهم هذا الواجب الصعب!! وفي محاضرة الرياضيات اللاحقة، استغرب من الدكتور بأنه لم يطلب منهم استلام الواجب. فذهب إليه وقال له: يا دكتور لقد استغرقت في حل المسألة الأولى أربعة أيام، وقد حليتها في أربعة أوراق، تعجب الدكتور! وقال للطالب: ولكني لم أعطيكم أي واجب! والمسألتين اللاتين كتبتهما على السبورة، هما أمثلة كتبتها للطلاب للمسائل التي عجز العلماء عن حلها! إن هذه القناعة السلبية جعلت الكثير من العلماء لا يفكرون حتى في محاولة لا يجاد حل هذه المسألة التي حلها هذا الطالب. فلو كان الطالب مستيقظا وسمع شرح الدكتور لما فكر في حل المسألة. ومازالت هذه المسألة بورقاتها الأربعة معروضة في تلك الجامعة باسم هذا الطالب.[31] نخلص من هذا بأن للقناعة تحكم مباشر في طريقة التفكير، وعليه بالقياس نتعلم أن للشاب إذا اعطى لنفسه المساحة بالخروج من المألوف بكسر الخوف والروتين، وبذل المجهود المُضني والمستمر، لتحقيق حريته؛ لوجد ما يسعى لتحقيقه لوجده إنه في طاقة يده، وكان يتطور وينمو في شتى جوانب حياته.
الهوية والحرية.
يحتاج المُربي للتعليم الليبرالي بمعناه الحقيقي، في الوقت الحاضر، حيث يفهم من التعليم الليبرالي عموما باعتباره اكتساب الفرد مهارات التفكير، والاستقلالية الفردية. غير أن الهدف التقليدي للتعليم الليبرالي هو كان الترفيه. لأن الحرية ليست مجرد نتيجة لتفكير نقدي، بل تتطلب أيضا زراعة الترفيه التي تنطوي على أخذ اليقظة، في عالم مشغول بالسكون، فالحرية مع الابداع توفر وسيلة قيمة للتعلم، بالتالي يتوفر دفاعا قوياً ضد هيمنة عالم العمل الذي يحدد ويقيم قيمة كل واحد فقط من حيث ما يقوم به. فإن التعليم الليبرالي، كما يوحي الاسم، هو التعليم من اجل الحرية. وكما يصفه أحدهم: ينبغي أن يقوم التعليم الليبرالي شخص مستقل عن العقل، متشككا في السلطة، ومن تلقى وجهات النظر، التي أعدت أو ساهمت في تكوين هويته الشخصية، وقادر على أن يصبح فردا لا ينحاز إلى أن يكون نسخة من أشخاص آخرين. وبالتالي، كثيرا ما يتم تقدير التعليم الليبرالي أو يبرر كوسيلة للحصول على مهارات التفكير النقدي التي هي ضرورية لتحقيق الاستقلال الذاتي، فضلا عن تلبية مطالب أي وقت مضى. وبالنظر إلى هذا الهدف الهام بعد، لا عجب مثل مجموعة واسعة من المواضيع والتخصصات التي تقع في نطاق ليبرالية التعليم.[32] فالإنسان كائن حي، خُلِقَ ليكون حراً بطبيعته بعيدا عن كونه أن يعيش في صراع مع الحرية، فالفردية هي تعبير عن الحرية، بمعنى أكثر عمقا، بأن الانسان ينتظر الاندماج من المجتمع فالحرية هي ليست الأقل فردية ولكن الأكثر اندماج مع المجتمع. في حين الفردية سوف تعبر عن الحرية، والحرية سوف تستوعب جميع الأفراد، إلا إذا كانت الرغبة تقف عند مستوى معين.[33] لذا نلاحظ “النزعة الفردية وتغييب الاخر كجنوح الفرد للنزعة الفردية المتمثلة في الاعلاء من شأن الذات والحرص على مصالحها في مقابل تغييب الاخر وتهميشه. كما أوضحت الدراسة أن تغييب الذات للآخر إنما يرتبط بمدى علاقتها به، فإذا كان قريباً من الذات استوعبته وقربته، أما إذا كان الآخر غريباً عنها فتقوم بتغييبه وتهميشه.”[34]
توصيات تربوية
فينبغي أن نخلق في تربيتنا المساحة الكافية لخلق حرية مسؤولة، قادرة على اعمال العقل والاستفادة به في نواحي الحياة، وحتى لا نقع أُسراء لأنفسنا في العقلاحادي، فعلينا أن نراعي بعض المبادئ للتربية السوية للشخصية، فتطرح سناء سليمان الأستاذة بعلم النفس والدكتورة بكلية البنات جامعة عين شمس بكتابها كيف نربي أنفسنا والأبناء، بعض التوصيات، لنغرسها في تربيتنا لأبنائنا، فتقول:
- حب الاستطلاع والاستفسار والحماس المستمر والمثابرة في حل المشكلات والمغامرة والتسامح.
- الرغبة في التقصي والاكتشاف، وتفضيل المهمات العلمية والرياضية والأدبية والفنية الصعبة والانفتاح على الجديد والهامة في مجال الإبداع.
- البراعة والدهاء وسعة الحيلة وسرعة البديهة وتعدد الأفكار والاجابات وتنوعها بالمقارنة بأقرانهم.
- إظهار روح البحث والاستقصاء في آرائهم وأفكارهم، وحب التجريب.
- القدرة على عرض أفكارهم بصور مبدعة، والتمتع بخيال رحب وقدرة عالية على التصور الذهني، والتمتع بمستويات عقلية عليا في تحليل وتركيب الأفكار والأشياء، وتوليد سريع للأفكار والتعبير عنها بطلاقة.
- تكريس النفس للعمل الجاد بدافعية ذاتية، ويهبون أنفسهم للعمل العلمي أو الأدبي لفترات طويلة، ويميلون للمبادأة في أنشطتهم الإبداعية، ويثقون في أنفسهم كثيراً، ولديهم قدرة عالية على تحمل المسئولية.
- امتلاك خلفية واسعة وعميقة في حقول علمية وادبية ولغوية وفنية مختلفة، كما أنهم يحبون القراءة والاطلاع.
- المتعلم المبدع يسأله أسئلة إبداعية مفتوحة النهاية أعلى في المستوى العقلي وأكثر عدداً من غير المبدع.
- الاستقلالية في الفكر والعمل، وكثيرون منهم يميلون للانعزالية والانطواء ورفض الخضوع لأوامر الآخرين.[35]
نخلص بأن، لا لحجب حرية الطفل في التصرف، والتفكير الإبداعي، وتحمل المسؤولية، تحت أي مسمى، أو تحت أي ظرف. الحرية حق مقدس ومكفول للإنسان، مهما اختلف جنسه، أو مستواه الاجتماعي. فلا ينتزع، ولا يسلب حقه، في أي مرحلة عمرية ولو كان هذا الطفل رضيعَّاً.
المراجع:
أحمد السويل، نجلاء. القمع التربوي منهاج منتهي الصلاحية. مقال. نشر في جريدة العرب الاقتصادية في الخميس من 7 يوليو 2011.
الطيب، وجدي. الفرق بين القيم، المبدأ والأخلاقيات. مقال بالإنترنت. http://danagla.montadamoslim.com/t4095-topic
د. ن. الجينات الوراثية تتحكم في شخصية وطباع الإنسان. دراسة علمية أمريكية. جامعة بافلو. https://www.alarabiya.net/articles/2012/04/18/208532.html
د. ن. القناعات الشخصية وأثرها في الإنسان. شبكة فلسطين للحوار. مقال بالإنترنت،2011.
https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=722596
د. ن. تكوين شخصية ابنك تبدأ بحالتك النفسية اثناء الحمل. مقال حواء مصر. http://www.egeve.com/kids/1599-kidpregnant.html
د. ن. مفهوم منظومة القيم وتصنيفها. تربقافة للتربية والثقافة والفكر. مقال بالإنترنت.
http://lahodod.blogspot.com.eg/2013/12/blog-post_8032.html
د. ن. معجم المعاجم. قاموس متاح على الانترنت. “قمع”. https://www.maajim.com/dictionaryقمع/
د. ن. منظومة القيم في المناهج التربوية. مقال بالإنترنت.
www.guercif24.com/منظومة-القيم-في-المناهج-التربوية/
عبد الحميد، طلعت. صناعة القهر. دراسة في التعليم والضبط الاجتماعي. القاهرة. سينا للنشر. القصر العيني. طبعة أولى، 1990.
عبد المنعم مجاهد، مجاهد. الفلسفة والحنين إلى الوجود. القاهرة. دار الكلمة. عين شمس الشرقية، 2003.
علي الشافعي، فاطمة الزهراء. ثقافة العيب في حياتنا اليومية. القاهرة. دار الادهم للنشر والتوزيع، 2012.
زيزيولاس، يوحنا. الوجود شركة. القاهرة. مؤسسة القديس أنطونيوس. المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية. طبعة ثانية، 2006.
فياض، منى. أقنعة الثقافة العربية، سلسة العالم العربي والغرب. جزء3. القاهرة. دار الثقافة. مطبعة سيوبرس. طبعة أولى، 2006.
محمد احمد، احمد. التربية ومشكلات المجتمع. القاهرة. دار أبو هلال بالمنيا، 2008.
محمد سليمان، سناء. فن وأساليب تربية ومعاملة الأبناء الأطفال والمراهقين. القاهرة. عالم الكتب. طبعة اولى، 2009.
محمد سليمان، سناء. كيف نربي أنفسنا والأبناء. من أجل تنمية الإبداع. القاهرة. مطبعة عالم الكتب، 2005.
محمد هيبة، زكريا. نحو فلسفة لتربية الحرية عند الطفل العربي. دراسة تحليلية للمجتمعات المقهورة. الكويت. دار المنظورة، مجلد13. 2013.
نادي، مدحت. المرشد في بناء مناهج التربية المسيحية. القاهرة. بيت الفن للطباعة، 2010.
Gary, Kevin. Leisure Freedom and Liberal Education, Educational Theory. Academic Journal. May2006. Vol. 56 Issue 2.
Sira, Diaz-Moran. Rafael, Torrubia. Alberto Fernández Teruel. Beatriz, Molinuevo. Adolf, Tobeña. Religious upbringing and current religiosity in Spanish nursing and medicine students. Mental Health. Religion & Culture. Dec2013. Vol. 16 Issue 10.
Steiner, Rudolf. A Philosophy of Freedom, Intuitive thinking as a spiritual path. Translated. By Michael Lipson. Press. Hudson. N.Y, 1986.
[1] سناء محمد سليمان، فن وأساليب تربية ومعاملة الأبناء الأطفال والمراهقين (القاهرة: عالم الكتب، طبعة اولى، 2009)، 20.
[2] المرجع السابق، 21.
[3] نجلاء أحمد السويل، القمع التربوي منهاج منتهي الصلاحية، مقال: نشر في الخميس 7 يوليو 2011، متاح على http://www.aleqt.com/2011/07/07/article_556555.html، تم الاطلاع عيه في 22-10-2017.
[4] احمد محمد احمد، التربية ومشكلات المجتمع (القاهرة: دار أبو هلال بالمنيا، 2008)، 6.
[5] المرجع السابق، 9.
[6] مدحت نادي، المرشد في بناء مناهج التربية المسيحية (القاهرة: بيت الفن للطباعة، 2010)، 16.
[7] مجاهد عبد المنعم مجاهد، الفلسفة والحنين إلى الوجود (القاهرة: دار الكلمة، عين شمس الشرقية، 2003)، 44.
[8] د أ، حواء مصر، مقال تحت عنوان، تكوين شخصية ابنك تبدأ بحالتك النفسية اثناء الحمل، متاح على: http://www.egeve.com/kids/1599-kidpregnant.html، تم الاطلاع عليه في 23-10-2017.
[9] أثبتت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون أمريكيون بجامعة بافلو، أن الجينات الوراثية تتحكم في شخصية وطباع الإنسان في كونه شخصا لطيفا أو شخصا أنانيا، مما لا ينفى أن يكون الإنسان قد ولد بتلك الطباع والخصال، وشملت الدراسة 711 شخصا تم أخذ عينة من اللعاب الخاص بهم لتحليل الحمض النووي، والتي أظهرت لديهم شكلا من أشكال هرمونات “الأوكسيتوسين و”فاسوبريسين” المتحكمة في سلوك الإنسان، تم الاطلاع بتاريخ 20-10-2017، المصدر من موقع قناة العربية،
https://www.alarabiya.net/articles/2012/04/18/208532.html
[10] د. ن، منظومة القيم في المناهج التربوية. مقال على الانترنت، تم الاطلاع بتاريخ 14-11-2017. متاح على
www.guercif24.com/منظومة-القيم-في-المناهج-التربوية/
[11] المرجع السابق.
[12] د. ن، مفهوم منظومة القيم وتصنيفها. مقال على الانترنت موقع تربقافة للتربية والثقافة والفكر، تم الاطلاع بتاريخ 14-11-2017، متاح على
http://lahodod.blogspot.com.eg/2013/12/blog-post_8032.html
[13] وجدي الطيب، الفرق بين القيم، المبدأ والأخلاقيات. مقال على الانترنت، متاح على: http://danagla.montadamoslim.com/t4095-topic، تم الاطلاع عليه فيه23-10-2017.
[14] المرجع السابق،
[15] معجم المعاجم، متاح على الانترنت، يمكن الاطلاع علي: قمع https://www.maajim.com/dictionary/، تم الاطلاع بتاريخ 24-10-2017.
[16] زكريا محمد هيبة، نحو فلسفة لتربية الحرية عند الطفل العربي، دراسة تحليلية للمجتمعات المقهورة (الكويت: دار المنظورة، مجلد13، 2012)، 13.
[17] طلعت عبد الحميد، صناعة القهر، دراسة في التعليم والضبط الاجتماعي (القاهرة: سينا للنشر، القصر العيني، طبعة أولى، 1990)، 78.
[18] زكريا محمد هيبة، نحو فلسفة لتربية الحرية عند الطفل العربي، المرجع السابق، 2.
[19] المرجع السابق، 9.
[20] مثل بلاء الامراض والكوارث الطبيعية على إنها من الله، وبعد الموت كعذاب القبر، والدود وكلمات المذمة من الناس تكون للميت كلسعات النار فيطلب له المغفرة والرحمة والراحة في التربة.
[21] Diaz-Moran, Sira; Torrubia, Rafael; Fernández-Teruel, Alberto; Molinuevo, Beatriz; Tobeña, Adolf. Religious upbringing and current religiosity in Spanish nursing and medicine students. Mental Health, Religion & Culture. Dec2013, Vol. 16 Issue 10, p1056.
[22] سناء محمد سليمان، فن وأساليب تربية ومعاملة الأبناء الأطفال والمراهقين، 21.
[23] منى فياض، أقنعة الثقافة العربية، سلسة العالم العربي والغرب جزء3 (القاهرة: دار الثقافة، مطبعة سيوبرس، طبعة أولى، 2006)، 19.
[24] يوحنا زيزيولاس، الوجود شركة (القاهرة: مؤسسة القديس أنطونيوس، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية، 2006)، 88 -89.
[25] المرجع السابق، 18.
[26] رسالة بطرس الرسول الأولى ١٦:٢.
[27] رسالة بولس الرسول لأهل غلاطية ١:٥.
[28] سفر أعمال الرسل ٢٢:١٧.
[29] منى فياض، أقنعة الثقافة العربية، مرجع سابق، 49.
[30] سناء محمد سليمان، كيف نربي أنفسنا والأبناء. من أجل تنمية الإبداع (القاهرة: مطبعة عالم الكتب، 2005)، 73.
[31] بدون اسم، مقال بعنوان: القناعات الشخصية، وأثرها في الإنسان (الانترنت: شبكة فلسطين للحوار، 4يناير2011)، متاح على https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=722596، تم الاطلاع بتاريخ 5-11-2017.
[32] Kevin Gary. LEISURE, FREEDOM, AND LIBERAL EDUCATION, Educational Theory. Academic Journal, May2006, Vol. 56 Issue 2, p121.
[33] Rudolf Steiner. A Philosophy of Freedom, Intuitive thinking as a spiritual path. Translated by Michael Lipson (Press, Hudson, N.Y, 1986), p19.
[34] د فاطمة الزهراء علي الشافعي، ثقافة العيب في حياتنا اليومية (القاهرة: دار الادهم للنشر والتوزيع، 2012)، 287.
[35] المرجع السابق، 78-79.