تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأرشيف » القس منير سليمان إلياس

القس منير سليمان إلياس

الكاتب

 القس عيد صلاح

راعى الكنيسة الإنجيلية بعين شمس

سنودس النيل الإنجيلي 

الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر  

القس منير سليمان إلياس

(1945- 2002)

عاشق خدمة القرية

ثلاثة وثلاثون عامًا في خدمة طهنشا

      وُلِدَ طيب الذكر القس منير سليمان في 14/7/1945 في قرية داقوف، وهو ينتمي أسرة إنجيليَّة عريقة، فهو ابن السيخ سليمان إلياس. وكان للتنشئة دورًا كبيرًا في صياغة حياته، فقد لعبت أمه دورًا كبيرًا في تربيته وتنشئته على القيم والأسس الإيمانيَّة المسيحيَّة، وأيضًا راعي كنيسته طيب الذكر القس قزمان واصف دورًا كبيرًا في بناء شخصيته، وإعداده لخدمة الرب.

      تخرج في كلية اللاهوت الإنجيليّة عام 1969، وتمت رسامته وتنصيبه راعيًا للكنيسة الإنجيليَّة في طهنشا، وظل يخدم بها حتى انتقاله للمجد في يوم 14/9/2002 ، وبذلك يكون قد خدم الكنيسة الإنجيليَّة بطهنشا خدمة متواصلة ثلاثة وثلاثون عامًا ضاربًا مثالاً طيبًا للتفاني في الخدمة والاستقرار، والإيمان بالدعوة، في الريف المصريّ الذي يعتبر عمقًا إستراتيجيًا للخدمة في الكنيسة الإنجيليَّة بمصر، والتي نحتاج إلى إعادة النظر من جديد إلى الخدمة في القرية، والريف المصري.

    تشكلت الكنيسة على يديه بفكر إنجيلي مصلح، مرتبط بكلمة الله، ومؤسس على الإيمان في شخص الرب يسوع (وفق المبادئ الإنجيليَّة المصلحة) فاستنارت القرية، وأمتد ذلك على الكنائس الأخرى المجاورة. فأنشأ في الكنيسة خدمات نوعية، واجتماعات فرعية، ودرب قيادات كثيرة تحمل لواء الخدمة في الكنيسة الآن. وتخرج على يديه خداما ورعاة يخدمون في كنائس الجمهورية. وتبنى خطابًا تنويريًا ظهر هذا في عظاته ودراساته التي كان يقدمها في الكنيسة (ولاسيما في لقاء الأحد صباحًا) التي جمعت بين العمق الكتابيّ والاهتمام بقضايا الكنيسة والمجتمع، وذلك من خلاله معرفته لقضايا شعبة لتواجده ومعايشته معهم  في جميع مشاكلهم وأمنياتهم، أفراحهم وأتراحهم. فربط بين الأصالة والمعاصرة، وبين المثالية والواقع.

   وفي نطاق العمل العام كان له دور بارز في مجمع المنيا الإنجيلي (فكرا وإدارة) قرابة الثلاثة والثلاثون عامًا، وشارك في العمل في المجالس السنودسية المختلفة. وأهتم بالعلاقات الاجتماعيَّة منذ أنْ وطأت قدماه أرض قرية طهنشا، فقد حرص على تعميق روح المسكونيَّة بين أبناء طهنشا من الإنجيليين والأرثوذكس. وكذلك الروح الوطنية بين المسلمين والمسيحيين من منطلق إيمانه بأن هذه هي رسالة الكنيسة. وقد ثوثقت علاقاته هو وأسرته بالقرية وجميع أبنائها بصورة يصعب فيها تميزهم عن أبناء القرية الأصليين.

   تزوج القس منير سليمان من السيدة ثريا لبيب سمعان ابنة طيب الذكر الشيخ لبيب سمعان بالكنيسة الإنجيلية الأولى بأسيوط، وهي زوجة مثالية، قامت بدور عظيم، في الخدمة. ووقفت بجوار القس منير سليمان في كل ظروف حياته. أولاده جورج وإيناس، ومارك، ورامز، وأحفاده: منير ومودي، وسلمى ولميس.

     التاريخ يصنع بالخبرة، والرؤية، والاستقرار، والإستمرار، تلك المنظومة التي تصنع أجيالاً مباركة داخل الكنيسة الإنجيليَّة بمصر، ونموذج القس منير سليمان خير دليل على ذلك، لذلك يطلق علية، وبصدق، عاشق خدمة القرية. كان لمن تعامل معه، ولمسه عن قرب، مدرسة رعوية فريدة ومتميزة، وهو شمعة أضأت لخدمة الرب. “وَإِنْ مَاتَ يَتَكَلَّمْ بَعْدُ” (عبرانيين 11: 4).

القس منير سليمان: أعظم من قسيس

د. نجاح بولس

باحث في العلوم السياسيّة

كثيرًا ما عاصرت عظماء لكن قليلا ما وجدت مثل هذه الحالة من التوافق والقبول المجتمعي التي تمتع بها طيب الذكر أبينا ومعلمنا القس منير سليمان (1945- 2002)، فلم يكن مجرد خادم لمنبر أو راعي لشعب بقدر ما كان حالة مجتمعيّة فريدة اصطف حولها كل طوائف الشعب في مجتمع تباينت فيه التركيبة الديموغرافيّة لسكانه اقتصاديًا، وثقافيًا، ودينيًا.

فلم يفرق يوما بين قبطي ومسلم ولم يتوان عن تقديم العون والمساعدة والنصيحة لأي محتاج أي كان معتقده أو مذهبه، وجد محبة في قلوب كل من تعامل معه، وكان يمثل قائد رأي يعتمد عليه في مجتمعه، فكان ضيف دائم في جميع الاحتفالات التي تقام في الموسّسات المختلفة بالقرية بمناسبة الأعياد الإسلاميّة كالمولد النبويّ وغيرها، ولم يخلو حديثه في كل مناسبة دعي اليها من كلمات رائعة تحث على التوافق والاندماج، وتكرس لمبادئ الوطنية والمواطنة.

عبّر أبينا القس منير سليمان عن جيل وعصر ثري بالمبادئ والقيم، فكان قدوة ومثلاً أعلى شكل وجدان جيلاً لاحقًا من الشباب يمثل اليوم صف من القادة في شتى مجالات الخدمة الروحيّة، والعمل المجتمعي. فقد كان مدرسة تعلم منها أولاده أسس ومبادئ العمل الرعوي، قام منهجه على المزج بين الخدمة الروحيّة، والنشاط المجتمعيّ كعنصرين أساسيين لا يتجزأ في مسيرة الدعوة الكنسيّة، وبقدر الاهتمام الذي كان يوليه لأحداث النهضة الروحيّة داخل أسوار الكنيسة، لم يدخر جهدًا في القيام بمسئولياته الاجتماعيّة تجاه الجميع، ولم يفرق في ذلك بين شعب كنيسته وشعب الكنائس أو المذاهب الأخرى، وحتى بين أحبائه من غير المسيحيين، فلم تمر مناسبة خاصة بفرد أو أسرة إلا وكان متواجدًا، وناصحًا، ومتفاعلاً بجدية مع كل الأحداث سواء السارة أو الحزينة.

وفي إطار هذه الخدمة الميدانيّة لم يقصر مطلقا في زيارته الرعويّة الممنهجة والهادفة، التي لم تكن مجرد إثبات للتواجد بقدر ما توصف بخطط للحصاد الروحيّ، تبدأ بنثر بذور وتنتهى بحصاد نفوس غالية للكنيسة، من خلال زيارات ميدانية وجلسات إرشادية قائمة على أسس منهجية لاكتشاف اسباب التراجع الروحى ووضع الحلول المناسبة.

وأتذكر أنه لم تمر مقابلة بينى وبين أبينا القس دون أن يطمئن على حالتي الروحيّة ودائمًا ما يكون دافعًا ومحفزًا فعالاً لمواصلة الصعود والنجاح، فكان ملهمًا روحيًا للجميع، يتمتع بكاريزما تستحوز على القلوب بسهولة، يدعوا الجميع دائمًا للتمتع بحياة الشركة، لم يكن يهتم كثيرًا بالخلافات الطائفيّة في دعوته أو حتى في عظاته، بل كان دائمًا مشغول بخلاص النفوس، ولم تسجل له أي محاولة استقطاب مذهبيّة، وكان على اتصال دائم بالكنيسة الأرثوذكسيّة بالقرية للتاكد من أن أشخاص بعينهم يواظبون على حضور الصلوات، وأن الجميع ليسو بمعزل عن الحياة الروحيّة بغض النظر عن الكنيسة أو المذهب.

  حتى في أشد أوقات مرضه خلال أخر سنوات عطائه، وهى فترة اقتربت منه وكنت أتردد عليه كثيرًا، لم تمنعه آلامه عن القيام بمسئولياته، وقبل أن اطمئن على حالته الصحية كان يبادر بالاطمئنان على ظروفي الشخصية وحالتي الروحيّة، ولم تؤثر قط آلامه الجسديّة على بسمته الصافية المعتادة، كان شاكرًا طوال الوقت، واجه اوجاعه بإيمان راسخ، وتعالت روحه فوق آهات الجسد، فأعطى المحبطين حوله باقات أمل جديدة.

كانت حياته قصة عطاء دون أخذ، تعلم الجميع من سلوكه أكثر مما تعلموه من عظاته وكلماته، كرَّس لمناهج جديدة في التعليم الروحيّ، ونادى من أجل إعلاء قيمة الإنسان فوق أي اعتبارات أخرى، أسس مدرسة جديدة في الخدمة داخل القرية المصرية تمددت معها مسئوليات الخادم خارج أسوار الكنيسة، كان ماهرًا في التعامل مع البسطاء والفلاحين، كما تميز بثقافة عالية في التفاعل مع المثقفين، لم يبتغ منفعة شخصيّة طوال حياته، بل أعطى كل ما لديه حتى النفس الأخير دون كلل أو ضجر فعاش عظيمًا ورحل عظيمًا، فقد كان حقا أعظم من قسيس.

القس منير سليمان (1945- 2002)

وإنْ مات يتكلم

للشيخ رأفت زكي

في 14/9/2002 انتقل قديس معاصر هو القس منير سليمان راعي الكنيسة الإنجيليّة بطهنشا بعد خدمة رائعة لأكثر من 33 عامًا متصلة، رفض كثيرًا من العروض التي قُدمت له للعمل في بلاد أخرى.

كان ميلاده في 14/7/1945 بداقوف ونشأ بين أحضان كنيستها، حتى التحق بكلية اللاهوت الإنجيليّة حيث تخرج عام 1969 وحصل من كلية اللاهوت للشرق الأوسط في بيروت على دبلوم الدراسات الكتابية عام 1980، وكان قد حصل على دبلوم تنمية القادة بالإسكندريّة عام 1979.

ورُسم بطهنشا في 26/6/1970 وفي عهده تمت العضوية حيث انضم 104 عضوًا وتم عماد 150 طفلًا وزوَّج أكثر من 100 زواج ليؤسّس بيوتًا مسيحيّة حقيقية، رسم في عهده مجموعة من الشيوخ والشمامسة وتخرج من أبنائه الروحيين حضرات القسوس: سمير صداق، ومكرم روفائيل، وماهر مخلص، كما رأس مجمع المنيا أكثر من دورة بجانب رعويته للعديد من المجالس المحلية والمجمعيّة والسنودسيّة.

امتاز بتعميق روح المحبة وروح الوحدة الوطنيّة بين أبناء بلدته، وبنى استراحة جديدة للكنيسة، كما شرع قبل انتقاله في تجديد بناء الكنيسة. تزوج في 14/9/1972 من سيدة ساندته بأمانة في مراحل الخدمة والاجتماعات هي السيدة ثريا لبيب سمعان، ورزقهم الرب من الأنجال جورج وإيناس ومارك ورامز. اشترك في العديد من قيادات المجمع في وداعة وأقيم العزاء في كل من طهنشا وداقوف في كنيسته وبيت أسرته. عزاء للكنيسة والعائلة وأنجاله وأشقائه حضرات الشيوخ دكتور جورج، والبرت، وهندي، ونصحي، وكمال، وموريس.

الهدى، العددان 1025- 1026- سبتمبر- أكتوبر 2002

 

2 فكرتين بشأن “القس منير سليمان إلياس”

  1. كان راعيا وابا وصديقا لكل من حولة احترم الصغير قبل الكبير احب جميع من في القرية أقباط ومسلمين يتذكر الجميع لانة رأعي لا ينسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *