
منقول من موقع
ghobrialrizkallah.org
الله ينذر برحمته
(دا 2 : 1 – 3 و 4 : 4 – 27)
“في السنة الثانية من مُلك نبوخذ نصر حلم نبوخذ نصر أحلاماً فانزعجت روحه وطار عنه نومه” (دا 2 : 1).
حلمٌ مفاجيءٌ جاءه وهو مستريحٌ مطمئنٌ، “أنا نبوخذ نصر قد كنت مطمئناً في بيتي وناضراً في قصري رأيت حلماً فروَّعني والأفكار على فراشي ورؤى رأسي أفزعتني” (دا 4 : 4و5).
في الحلم الأول (دا 2 : 31 – 36) كان في حالة فزعٍ ورعبٍ، حلُم “وإذا بتمثالٍ عظيمٍ. هذا التمثال العظيم البهيُّ جدًّا” وقف قبالته ومنظره هائلٌ “رأس هذا التمثال من ذهبٍ جيدٍ. صدره وذراعاه من فضةٍ. بطنه وفخذاه من نحاسٍ. ساقاه من حديدٍ. قدماه بعضهما من حديدٍ والبعض من خزفٍ”، كان ينظر الملك إلى التمثال “إلى أن قُطع حجرٌ بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديدٍ وخزفٍ فسحقهما. فانسحق الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكانٌ. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها”.
طلب الملك وأمر بأن يستدعى المجوس والسحرة والعرافون والكلدانيون ليخبروا الملك بأحلامه.
الحلم (أسرار القلب) والتعبير (مستقبل الأيام)، “تمضي عليه سبعة أزمنةٍ. هذا الأمر بقضاء الساهرين والحكم بكلمة القدوسين لكي تعلم الأحياء أن العليَّ متسلطٌ في مملكة الناس فيعطيها من يشاء وينصِّب عليها أدنى الناس”.
المجوس لم يعرفوا تفسير الحلم، طلبةٌ صعبةٌ من الملك. وتفسيره لا يعرفه إلا روح الآلهة في القديسين، “أجاب دانيال قدام الملك وقال. السر الذي طلبه الملك لا تقدر الحكماء ولا السحرة ولا المجوس ولا المنجمون على أن يبيِّنوه للملك. لكن يوجد إلهٌ في السموات كاشف الأسرار وقد عرَّف الملك نبوخذ نصر ما يكون في الأيام الأخيرة” (دا 2 : 27و28).
اقتحم الله عليه هذه الوحدة والاطمئنان، يزعجه، دخل الله إلى نبوخذ نصر في اطمئنانه ليخلصه من نفسه، من شر نفسه. حلمٌ بسيطٌ، الله ينبيء بأسرار القلب ويتنبأ بأسرار الغيب، الممالك والملوك.
تحيَّر دانيال كيف يقدم التفسير في أدب سبايا الملك، كيف يقدم له هذا الخبر المُفزع: “تُسلَّم لمبغضيك” وتعبيره لأعاديك، “الشحرة التي رأيتها التي كبرت وقويت وبلغ علوُّها إلى السماء ومنظرها إلى كل الأرض. وأوراقها جميلةٌ وثمرها كثيرٌ وفيها طعامٌ للجميع وتحتها سكن حيوان البَر وفي أغصانها سكنت طيور السماء. إنما هي أنت يا أيها الملك الذي كبرت وتقويت وعظمتك قد زادت وبلغت إلى السماء وسلطانك إلى أقصى الأرض”. كنت شجرةً ناضرةً، عظمتك قد زادت. “وحيث رأى الملك ساهراً قدوساً نزل من السماء وقال اقطعوا الشجرة وأهلكوها ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض” (دا 4 : 20 – 23).
ساهرٌ من السماء، ما لك، لم يعرف نبوخذ نصر الحلم ولا تعبيره لأن الإمبراطورية وأمورها تشغل مخه وتشل تفكيره.
ما تعبير الحلم؟ “هذا هو التعبير أيها الملك وهذا هو قضاء العلي الذي يأتي على سيدي الملك. يطرودونك من بين الناس وتكون سكناك مع حيوان البَر ويطعمونك العشب كالثيران ويبلِّونك بندى السماء فتمضي عليك سبعة أزمنةٍ حتى تعلم أن العليَّ متسلطٌ في مملكة الناس ويعطيها من يشاء” (دا 4 : 24و25).
الله تعامل مع نبوخذ نصر كضدٍ للمسيح ليتمجد بسلطانه على الخليقة، ومع أنه من نسل الحية فيه روح الكذوب تعامل معه لأن كل الحكومات في الأرض نابعٌ من الله ومن سلطانه، حكومة الطغاة لا تصل للحكم إلا لتنفيذ مقاصد الله “حتى تعلم أن الله متسلطٌ في مملكة الناس”، لا يمكن أن تُقطع حكومة من الوجود في البلاد، مع سقوط حكومة تستمر الدولة.
حلمٌ منذرٌ وحيث رأى الملك ساهراً وقدوساً “اقطعوا الشجرة واهلكوها”، وتعبيرين سبع سنين، وسبع أزمنة. حلمٌ منذرٌ.
ساهر قدوس يقصد به ملاكٌ قدوسٌ مرسلٌ رسوليٌّ، ملاكي من السماء (ليس الآب ولا الابن). متى الملاك أُرسل لينذر ببوقٍ ينذره بالقطع.
مباديء، حد أقصى من المباديء يطلبها الله حتى تعيش الكنيسة في تقوى ووقار.
غضب الله رحمة، في الغضب اذكر الرحمة.
إلى المنقذ ليخلص نبوخذ نصر من الهلاك الأبدي.
الأزبكية 4 / 1 / 1976