
الكاتب
القس جوزيف لويس
راعى الكنيسة الإنجيلية بجرف سرحان
سنودس النيل الإنجيلي
الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر
خلق الله الرجل والمرأة في مساواة تامة:
وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ. تك2: 18.
عندما تجسد المسيح أتى من خلال امرأة، وهذا أعظم تقدير واحترام للمرأة بعكس مجتمعنا الذي يعتبرها (عورة وناقصة عقل ودين):
وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ. غل 4: 4.
بسبب السقوط: تشوهت صورة المرأة والعلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة التي كانت تسودها الاحترام. فبعدما كانوا يعيشوا في سلام وانسجام، بسبب عقوبة الخطية على حواء ونسلها شوهت هذه العلاقة بإخضاع وإذلال الرجل لزوجها، “تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ (يتسلط) عَلَيْكِ.
دور ومكانة المرأة في الكتاب المقدس
أولاً: في العهد القديم.
كانت المرأة تشارك في العبادة الجمهورية، على باب خيمة الاجتماع خرو38: 8، الأكل من الذبائح 1صمو1: 4، اشتركت بعد بناء الهيكل في ليتورجية العبادة، وحضرت السيدات في أيام نحميا تلاوة الشريعة، وفى عصر القضاة اُختيرت دبوره قاضية قض 4: 8. وفى ذلك الوقت كانت وظيفة القضاة وظيفة مدنية وأيضًا دينية. وأيضًا اختيرت المرأة نذيرًا للرب. عد 6: 20.
لم تأخذ المرأة حقوقها كاملة، نرى هناك بعض الممارسات الخاطئة مثل: الطلاق، تعدد الزوجات.. الخ.
إعلان الله مُتدرج عن المرأة في العهد القديم. حتى يصل فى ضوء الإعلان الكامل فى العهد الجديد وفى شخص المسيح الذي مات فداءً لكل الناس رجالا كانوا أو نساءاً.
ثانيًا: في العهد الجديد.
نظرة اليهود الدونية للمرأة في زمن المسيح.
كانت نظرة اليهود للمرأة نظرة دونية. حيثُ تحدث التلمود عن النساء أنهم أقل مرتبة من الرجال، وغير قابلات للتعليم. وكان البعض ينصح الرجال بأن لا يتحدث كثيرا مع النساء كما ذكر فى المشنا. وأن الدور الحقيقي لها هو فى المنزل وليس فى الخدمة فى المجمع. تحدث المؤرخ يوسيفوس عن المرأة فى عصر المسيح، فذكر أن المجتمع اليهودي عاملها على أنها أقل من الرجل.
نظرة المسيح للمرأة
لم يأت المسيح فقط ليحرر المرأة؛ بل ليحرر الإنسانية بأكملها من كل ظلم.
المسيح كان المثال النموذجي الكامل في مساواة المرأة بالرجل.
- سماح المسيح بتعليم النساء واتباعه: فمريم جلست عند قدمي المسيح لتتعلم منه. لو 10: 39.
- مقابلة المسيح الفردية مع السامرية التي هي تعتبر فى نظر اليهود امرأة لا يليق بمعلم أن يتحدث معها فهذا يقلل من شأنه.
- سمح المسيح بتعليم المرأة وبالحضور والاستماع إلى تعاليمه شخصيا سواء فى جماعات أو على انفراد. قبل المسيح إتباع المرأة له ولم تكن العادة لربى يهودي بأن يسمح للنساء بان يتبعوه ليتعلموها منه.
قبل المسيح خدمة المرأة فهناك المرأة التي سكبت قارورة الطيب، والعديد من النساء الذين خدموه بأموالهن.
وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ، وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ، وَسُوسَنَّةُ، وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ. لو8: 2.
- وسمح لامرأة خاطئة أن تبلّ قدميه بالدموع وتمسحهما بشعر رأسها وتقبّل قدميه وتدهنهما بالطيب.
- وكان له صديقات نساء يحبّهنّ من بينهنّ مرثا ومريم.
- غفر لزانية أوصى موسى برجمها.
- تعاليم المسيح الثورية عن الطلاق، الزنى، الزواج.. الخ.
المرأة في كنيسة العهد الجديد
كانت مشاركة النساء فى الكنيسة الأولى واضحة: فى فيلبى (اع 16: 13-15)، وتسالونيكى الأولى (17: 4)، وبيرية (17: 12)، وأثينا (17: 34)، وكورنثوس(18: 2). واشتركت المرأة فى الخدمة فالنساء كن يصلين ويتنبأن (1كو 11: 5) فى العبادة الجمهورية. ونقرأ أنه كان لفيبى ألقاب التي ترجمت إلى خادمة الكنيسة. ويصف النص اليونانى فيبى على أنها شماسة: diakonos فى كنيسة كنخريا، وهي كلمة تعنى خادم أو راعى. وكان لفيبى دور قيادي بارز فى مجتمع كنيسة كنخريا. ويدعو بولس أكيلا وبريسكلا معاوناه فى العمل.
المرأة عند آباء الكنيسة
تكلم العديد من آباء الكنيسة عن المرأة ودورها إلا أن الكثير تكلم عنها بالسلب. ولم يعطوا الآباء التقدير الكافي للنساء خاصة فى الخدمة التعليمية والوعظ بل يقادوا قللوا من دور المرأة فى الكنيسة بشكل كبير. يتكلم يوحنا ذهبي الفم فى عظته رقم 9 على تيموثاوس الأولى أن النساء يظهرن خضوعهن بصمتهن لأن جنسهم يميل إلى الثرثرة. وإن جنس الرجال نالوا شرفا أعظم لأنه جبل أولا. وأوصى ذهبي الفم النساء بالتعليم الخاص داخل منزلها فقط. ويصف جيروم ميل النساء البغيض إلى الهرطقات، وهو يخص بالذكر قادة الطوائف الغنوسية الأولى وهراطقة القرن الرابع فى الرسالة رقم 133 ويستشهد بأمثلة من الهراطقة المشهورين وكيف خدعتهم المرأة. ويؤكد أوغسطينوس فى تعليقه المبسط على سفر التكوين أن المرأة ذات الذكاء الضعيف والتي لا تزال تعيش وفقا لدوافع الجسد الدنيئة. وأن هذا هو السبب الذي يجعل الرسول بولس لا ينسب إليها صورة الله؟ من آباء الإسكندرية إكليمندس الاسكندرى (150م) أعترض على الإقلال من مركز المرأة عن الرجل. إلا أنه دعا إلى خضوع المرأة للرجل . ودعا ترتليانوس (160م) إلى الإقلال من مركز المرأة عند الرجل.
اختلف الآباء حول موقف المرأة. ولا شك أن اختلافهم كان مبنيا على حقائق عديدة، منها ظروف البيئة، ومتابعتهم لفهم تعليم الكتاب المقدس.
في عصر الإصلاح كان قادة الإصلاح مشغولين بقضايا كبرى لم يعطوا للمرأة اهتماما خاصا. إن مارتن ولوثر لم يتحدثا كثيرا عن دور المرأة بالرغم أنهم تزوجوا من راهبتين.
الآباء كان لهم دور كبير بالتأثير السلبي على الكنيسة فى ترسيخ الأفكار السلبية تجاه مشاركة المرأة فى التعليم والوعظ. إلا أننا لا نقدر أن نفصل ما بين نتاج أفكارهم والثقافة المتدنية تجاه المرأة التي كانت منتشرة بشكل كبير فى معظم المجتمعات خاصة الشرقية.
كتب جون كالفن في خطابه لفرنسيس الأول ملك فرنسا بأن نستفيد من أفكار واقوال آباء الكنيسة الجيدة، ونحترس من أخطاء الآباء وغلطاتهم. (جون كالفن، كتاب اسس الدين المسيحي، المجلد الأول، ص38)
المراجع المُستخدمة:
أ.كلارك، اليزابيث. الآباء والمرأة. سلسلة رسائل آباء الكنيسة. القاهرة: دار الثقافة، 1998.
البرسومى، أغسطينوس. شرح الرسالة الأولى والثانية إلى كورنثوس للقديس يوحنا الذهبى الفم. سلسة كنوز مخطوطات البرموس. القاهرة: دير البراموس، 2005.
حبيب، صموئيل. المرأة في الكنيسة والمجتمع. ط. 2. القاهرة: دار الثقافة، 1994.
دائرة المعارف الكتابية. المجلد السابع. القاهرة: دار الثقافة، 1998.
ذكي، أنور. المرأة فى الكنيسة المصرية: منظور لاهوتى لحقوق الإنسان. القاهرة: دار الثقافة، 1995.
س. كينر، كريج. الخلفية الحضارية للكتاب المقدس. الجزء الثانى. القاهرة: دار الثقافة، 2004.
فارس، فايز. هل تجوز رسامة المرأة. القاهرة: دار الثقافة، 1994.
مشرقى، صموئيل. مكانة المراة فى المسيحية. سلسة الدراسات الكتابية. القاهرة: مطبوعات كنيسة الله الخمسينية، 1965.