تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأرشيف » طلبت من أجلك – عظة مكتوبة – الدكتور القس غبريال رزق الله

طلبت من أجلك – عظة مكتوبة – الدكتور القس غبريال رزق الله

منقول من موقع

ghobrialrizkallah.org

 

طلبت من أجلك

(لو 22 : 31و32) ، (يو 17 : 6 – 26 ، يو 21)

“سمعان سمعان”، اسمع سمعان “هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة ولكني (“أنا” يقول الرب يسوع) طلبت من أجلك أنت (يا سمعان) لكي لا يفنى إيمانك، وأنت متى رجعت ثبت إخوتك”.

أمام العرش، أمام الآب السماوي متصارعان، عدوان، وضعت العداوة بينهما منذ البدء، وقبل البدء بين رئيس الملائكة وبين الابن الوحيد، وتثبتت العداوة لقضاءٍ وضع في جنة عدنٍ في مخاطبة الشيطان، الحية القديمة، التنين الأحمر الذي هو إبليس، المدعو إبليس والشيطان، المقاوم، بالنص الإلهي الصريح للحية في جنة عدن: “أضع عداوةً بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه”، هذان المتصارعان يقدمان طلبين أمام العرش، الشيطان وابن الإنسان الرب يسوع، يقول الرب لسمعان: “هوذا الشيطان طلبكم” بصيغة الجمع “أما أنا فطلبت من أجلك” بصيغة المفرد، أمرٌ عجيبٌ، الشيطان طلب كل الجماعة، وقد رأينا كيف ملأ قلب يهوذا وهو واحدٌ من هذه الجماعة وكيف جعل بين البقية روح الشقاق والحسد والغيرة المرة، روح العظمة والجسدانية، من منهم يكون الأعظم؟ من هو الوزير الأكبر؟ من هو وزير الشمال ووزير اليمين؟ من هو رئيس الوزراء؟ منافسةً، مشاجرة بين كل التلاميذ، شكٌ بين الجميع: “كلكم تشكون فيَّ في هذه الليلة”.

وهل كنا معه في بيت عنيا في الأسبوع الأخير على مائدة العشاء وقد جلست مريم وبجانبه اتكأ لعازر كما اتكأ هو، ومرثا تخدم، وإذا بمريم أختها تأتي بقارورة طيبٍ خالصٍ كثير الثمن تصبها على الملك الجالس وعلى رجليه ورائحتها تفوح: “ما دام الملك في مجلسه أفاح نارديني”، وإذا بالغيرة تتقد وينطق ذلك الشيطان في قلب يهوذا وبلسانه: لماذا هذا أما “كان يمكن أن يباع هذا الطيب بكثيرٍ ويُعطى للفقراء”، والشيطان يوسوس في قلبه لأنه سارقٌ، لأنه كان أميناً للصندوق فكان يقبض المبلغ ويضعه في الصندوق الذي يسرق منه. وقد سرت روح العدوى إلى باقي التلاميذ فانضموا إلى هذا اللص السارق وصاروا يقولون لماذا هذا التلف؟ وانضموا إلى روح الشيطان الذي طلبهم ليغربلهم، روح التذمر والغيرة الجسدية، بل روح الشيطان الذي طلبهم ليغربلهم، وسلموا له، وهنا يدخل السيد في هذا الموضوع الشائك ويقدم طلبه الذي لم يكن يعلمه أحد، ولعل الشيطان أيضاً لم يكن يعلم هذا الطلب، السر مكتوم “ما أعده الله للذين يحبونه”، لا يعلم به أحدٌ ولا العدو الذي يريد دائماً أن يقضي على سعادة هؤلاء المخنارين.

وقد أعلن المسيح هذا السر لبطرس: “سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم” جميعا، بالجماعة، بالمجموع، يريد هلاك العالن أجمع، “أما أنا فقد طلبت من أجلك”، والذين له أفرادٌ لا جماعات في أربع أطراف الأرض، في أربع رياح العالم، في كل أمةٍ وشعبٍ ولسانٍ وقبيلةٍ، مدينةٌ مقدسةٌ، عروسٌ نقيةٌ طاهرةٌ تتمثل في تلك المدينة التي لها أساسات اثنى عشر، ولها أبواب اثنى عشر، ولها أسوارٌ أربعةٌ من كل جهةٍ سورٌ بثلاثة أبوابٍ، يأتون من كل مشارق الأرض ومن كل المسكونة يدخلون من كل الأبواب إلى المدينة، ويكون لهم سلطانٌ على شجرة الحياة، الحياة الأبدية، أفرادٌ “من كل أمةٍ وقبيلةٍ ولسانٍ وشعبٍ”، يعلم الله الذين له، وليتجنب الإثم كل من يُسمى باسم المسيح، اختيارٌ سماويٌّ، مسئوليةٌ فرديةٌ، اختيارٌ فرديٌّ، مسئوليةٌ فرديةٌ، اختيارٌ من الله، مسئوليةٌ موضوعةٌ على كل إنسان، “طلبت من أجلك” و “الشيطان طلبكم … أما أنا فطلبت من أجلك”.

وفي صلاته الكهنوتية يرينا هؤلاء الذين يطلب من أجلهم، فرداً فرداً، كلٌ على حدته، ويقول: “من أجلهم” من أجل هؤلاء الأفراد المعينين “أنا أسأل (أيها الآب) كانوا لك” معروفين عندك، عرفتهم منذ الأزل عرفتهم في البرية، برية هذا العالم، مختارين لك، جمعتهم من كل أقطار المسكونة، جمعتهم لنفسك أيها الآب “وقد أعطيتهم لي ….. وكل ما لي فهو لك وكل ما لك فهو لي” هذه هي صلة هؤلاء الأفراد بالآب والابن لذلك يقول: “خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها” وأعطيها حياةً أبديةً “لا يخطفها أحدٌ من يدي” ولا من يد أبي لأن أبي أعظم مني، أنا والآب واحد في هذا الأمر، فهؤلاء الأفراد محروسون، لذلك يقول الرسول: “نحن نعلم أن كل الأشياء (شراً أو خيراً) تعمل معاً” الشر والخير، الخير والشر، “نعلم أن كل الأشياء تعمل معا (خيراً أو شرا) للخير”، سالب وموجب منهما يتولد النور، سلباً وإيجاباً يتولد الخير، “ونعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله”، ومن هم؟ كثيراً ما نقف عند هذا الحد ونقول: “الذين يحبون الله”، ولكن الرسول بولس يتقدم بنا ويقول: “الذين هم مدعوون حسب (طلبه) قصده لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم (منذ الأزل) ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكراً بين إخوةٍ كثيرين”، وهم إخوته أُعطوا له، بل أُعطوا له عروساً كما يقول صاحب النشيد، وكما يقول هو في النشيد: “أختي العروس جنةٌ مغلقةٌ، عينٌ مقفلةٌ، ينبوعٌ مختومٌ”، “والذين سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكراً بين إخوةٍ كثيرين …. هؤلاء دعاهم أيضاً، والذين دعاهم فهؤلاء بررهم، والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضاً”، إلى المجد.

فلا عجب أن يقول لمريم المجدلية: “اذهبي لإخوتي – بعد القيامة – وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم”، هؤلاء هم الذين أعطاهم الآب للابن، من أجلهم يسأل، ولكني من أجلك أسأل.

ولكن لماذا سمعان على الأخص؟ والكلام يطول، للحديث شئون، ولنتأمل في هذا السؤال الأسبوع القادم.لماذا يا سمعان يختصك الرب ويقول: “من أجلك”؟ طلبين: أولهما: أن إيمانك لا يفنى، وثانيهما: متى رجعت ثبت إخوتك.

لماذا هذا يا سمعان؟ وهل تسمع؟ وهل يكون كلٌ منا سمعان؟ ليكشف لنا الرب الحقائق ولنصلي ليفتح الرب أذهاننا لنعرف الكتب وما كُتب عنه في ناموس موسى والمزامير والأنبياء.

الأحد   17 / 7 / 1976

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *