تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأرشيف » نبذة عن حياة القس سعد إبراهيم لوندي

نبذة عن حياة القس سعد إبراهيم لوندي

الكاتب

 القس إسحق سعد

قس إنجيلي بالكنيسة الإنجيلية المشيخية
سنودس النيل الإنجيلي 
الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر  

 

نبذة عن حياة القس/ سعد إبراهيم لوندي

راعي الكنيسة الانجيلية بنزلة أسمنت 1971- 1997

النشأة:

ولد في 5/ 8/ 1942 لأسرة مسيحية وخادمة. حيث كان والده الشيخ/ ابراهيم لوندي شيخ  الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت. كان أيضا مدرسا ومعلما للأجيال في المدرسة الخاصة بالكنيسة. وذلك من حرص الكنيسة في ذلك الحين على تعليم أولادها بالجهود الذاتية والبسيطة. تخرج من تحت  أيدي الشيخ ابراهيم الكثير من الأطباء والمهندسين والمدرسين الذين صاروا فيما بعد قامات علمية واجتماعية في المجتمع.

كان الشيخ/ ابراهيم حريصا على حضور الكنيسة وتشجيع أيضا الكثيرين على حضور الاجتماعات. ونظرا الى طبيعة القرية فكان اغلب الشعب يحضرون مبكرا الى الكنيسة وقبل بداية الاجتماع كان يدعو جميع الحاضرين مبكرا لقراءة أجزاء بالتتابع من كلمة الله لما كان له اثر كبير على جيل من الشباب في ذلك الوقت للحب والتعمق في كلمة الله.

التحق القس سعد بكلية اللاهوت الانجيلية سنة 1963 وكان قبلها خادما علمانيا في كنيسة إدموا الانجيلية التابعة لمجمع المنيا الانجيلي لمدة عام.

بعد تخرجه ذهب الى الخدمة بدعوة وطلب من الكنيسة الانجيلية بنزلة اسمنت مسقط رأسه وكان هذا غير معتادا ان يخدم قسا في قريته.

تزوج من السيدة/ سامية أليشع والتي أنجب منها أربعة أبناء: إيمان، إبراهيم، إسحق ومنى.

منذ بداية خدمته في قريته كان مهموما ومشغولا بالفقراء حيث كان يساعد كثيرا من جيبه الخاص. وكان كل من قصده من المرضى يساعدهم في الكشف او العلاج في نطاق المحافظة او خارجها ان استدعى الامر للقاهرة أو اسيوط.

ثم ساهم في سفر الكثيرين الى ليبيا والاردن من خلال عمل جوازات سفر لهم وعقود وتأشيرات. مما كان له اثرا كبيرا على تنمية هذه الاسر وزيادة دخلها وارتفاع مستوى معيشتها.

العلاقة مع الأمن والقيادات المحلية:

كان له علاقاته القوية بالمسؤلين في المجتمع المدني والقيادات والامنية والمحلية ونواب مجلس الشعب. حيث ساهم ذلك في حل الكثير من المشكلات العائلية والطائفية والمجتمعية. مما ساهم في سيادة جو من الامن والامان والسلام في داخل القرية، وبين نسيج الوطن الواحد. وحتى في وقت العمليات الارهابية التي اجتاحت الوطن في نهاية الثمانيات وبداية التسعينات. لم يصيب قريتنا أي مكروه ولم تتعرض لعملية ارهابية واحدة مقارنة بالقرى والأماكن الأخرى المحيطة بنا.

العلاقة مع المسلمين:

حيث انه كان ابن قرية نزلة أسمنت، كانت علاقته بالجميع وطيدة وقوية. كان لا يفرّق بين المسلمين والمسيحيين في مساعدة الفقراء أوالمرضى. وكان يهتم بمشكلاتهم ويساعد في حلها، بل كانوا يطلبونه في مشاركتهم في تقسيم الميراث او حل خلافاتهم الزوجية واغلب مشاكلهم. وذلك بسبب الثقة الكبيرة في شخصه وخدمته للجميع.

كان حريصا كل الحرص على مشاركتهم مناسباتهم الخاصة مثل الجنازات والافراح والاعياد والمناسبابت الاسلامية المختلفة. وكان في كثير من هذه المواقف يقف متكلما وواعظا مثله مثل الشيخ او الامام. وليس ذلك فقط بل في كل القرى المجاورة.

وكان في جميع الاعياد والمناسبات المختلفة يزور جميع مسلمي القرية للتهنئة باعيادهم غير مفرق بين الغني والفقير او بين اعيان البلد وساسة الشعب. فحبه واحترامه وخدمته للجميع كان مبدأ خدمته.

حادثة فردية: كان هناك جامع يُبنى في مواجهة الكنيسة. حيث قام بالتبرع ماديا وبمواد البناء وبوجبات للعمال ايضا الذين يقومون بالبناء وكان يذهب شخصيا للوقوف بجانبهم ومساعدتهم.

وفي سابقة لم تحدث من قبل عند وفاته، نادت الجوامع ودقت اجراس الكنائس معا في آن واحد حزنا ونعيا على هذا الراعي المحبوب من الجميع.

علاقته بالكنيسة المحلية:

كان منشغلا بتدبير امور الكنيسة الروحية من عمل تنسيق لاجتماعات الكنيسة وادارتها حتى في اثناء الغياب المتكرر تسير امور الخدمة على ما يرام.وكانت زوجة الراعي تقوم بمتابعة وتدبير أمور الخدمة في غيابه بحيث لم يكن هناك أي تقصير ينسب له في غيابه.

 كان منشغلا وحريصا أيضا على تدريب القادة حيث كان يساعد الكثير من جيل الشباب في قيادة فترات الترانيم خلال الاجتماعات بل تدريبهم ايضا على خدمة الكلمة. حيث كانت الكنيسة ومازالت عامرة بمن لديهم القدرة في شتى مجلات الخدمة من خلال توجيه الراعي لهم ووتشجيعه ومساعدته للجميع. وتحمل أيضا انتقاد الكبار سنا لمن يقودنهم في الاجتماعات شباب، ولكنه كان ينظر بعيدا الى المستقبل.

تخرج من الكنيسة كقسوس فقط في عصره، ثلاثة قسوس مشيخيين أفاضل تفخر الكنيسة بهم هم القس/راضي عطالة والقس/ عماد شوقي والقس/ حرز زكي، ومن بعد إنتقاله بفترة بسيطة تخرج أيضا القس/ باسم عدلي والقس/ إسحق سعد.

ومازلت الكنيسة قادرة على انتاج المزيد من الخدام والقسوس في فترات زمنية متلاحقة.

ومما هو جدير بالذكر، كانت هناك قطعة ارض في مقابل الكنيسة مباشرة مساحتها حوالي 300 متر. وكانت هذه القطعة عليها نزاع، وكان من الممكن ان تاخذها اي جهة اخرى تضر بمصلحة الكنيسة. فقام الراعي ببيع جميع مراثه الشخصي واستلف ايضا مبالغ مالية من جهات اخرى حتى يتثنى له شراء هذه القطعة. ثم بعدما قام بشراؤها وهبها تبرع للكنيسة الانجيلية بنزلة اسمنت. والتي بعد انتقاله قامت الكنيسة ببناؤها لتكون مبنى خدمات يخدم الكنيسة وكل ابناء القرية.

هذا الراعي والخادم الامين لم يبخل بصحته او بماله وضحى بكل ما كان يمتلك في سبيل خدمة سيده.

علاقته بالكرازة وزرع الكنائس:

كان هناك جهة كرازية تابعة للكنيسة في ذلك الوقت هي الكنيسة الانجيلية بكفر لبس التي اصبحت اليوم كنيسة رعوية. حيث كان حريص كل الحرص على متابعتها وتنميتها، من خلال تفريغ احد خدام الكنيسة بنزلة اسمنت بمتابعتها روحيا وعمليا قبل ان تنتشر فكرة التفرغ في الكنائس او المؤسسات المسيحية حيث كان فكره سبّاقا لغيره.

وكانت له رؤية كرازية في كثير من البلاد المجاورة مثل قرية أسمنت. وكان هناك شيخا اسمه الشيخ/ اسحق كان يتم عمل اجتماعات روحية في بيته. ومتابعة الاشخاص روحيا حيث انه تم ضم عدد ليس بقليل من ابناء قرية أسمنت لعضوية الكنيسة بنزلة اسمنت. الذين صاروا في المستقبل القريب خدام بها نظرا لقرب المسافة بين القريتين.

وكان أيضا يتابع رعويا وروحيا كنيسة بلنصورة الانجيلية وكنيسة السلطان حسن لفترة طويلة حيث كانت هذه الكنائس ليس لديها القدرة على رسامة رعاة بها.

وقام بعمل اجتماعات بيوت وزرع كنائس في قرى كثيرة محيطة بنا على سبيل المثال ” منتوت، الشيخ أحمد، ابو الصفا، عرب اسمنت، عزبة خضر، عزبة حسونة” وبعض من هذه المناطق صارت بها كنائس كبيرة الان. فقد كان القس/ سعد مهتما ومشغولا بزرع الكنائس والكرازة- التي هي الامتداد الحقيقي للكنيسة االمحلية- في القرى المجاورة وتأسيس خدمات واجتماعات بها ومتابعتها روحيا من خلاله هو شخصيا، او بارسال بعض خدام الكنيسة المحلية  للمتابعة والخدمة في هذه المناطق الكرازية.

علاقته بالجهات الادارية الكنسية:

كان حريصا على حضور جميع المحافل المختلفة كالمجمع والسنودس، لماتبعة امور الخدمة والقرارات الهامة. حتى انه قبل انتقاله بيوم مباشرة كان في القاهرة يحضر الدورة السنودسية المنعقدة في ذلك الحين. كان لا يتوانى او يتكاسل او يعتذر عن اي تكليف من المجمع، خاصة في رعاية الدوائر او الكنائس التي بلا رعاة.

أو متابعة كنائس قائمة بالفعل رعويا داخل مجمع المنيا. حيث كان يقبل ان يكون راعيا لدائرة خدمة حتى لو كانت بتعد عن كنيسته عشرات الكيلو مترات او سويعات بالسيارة. مثل ادموا ودمشير( غروب المنيا) وداقوف ( غروب سمالوط) والناصرية وابو جلبان ( شرق النيل ببني مزار) وكان يذهب الى هذه القرى البعيدة لمتابعتهم روحيا وعمل مائدة لهم. حيث كان الكثير من القسوس يرفضون الذهاب لهذه الاماكن وذلك لبعد لبعد المسافة او وجود بعض المشاكل الموجودة في هذه الكنائس.

موقف: قص لي احد القسوس ذات مرة وهو كان يتدرب في كنيسة داقوف. ان القس سعد جائني يوم الاحد لعمل المائدة وايقظني من النوم الساعة السابعة صباحا وقبل الاجتماع بساعة تقريبا. مع العلم ان داقوف تبعد عن نزلة اسمنت من ساعة ونصف الى ساعتين، وذلك لحرصه الشديد على التواجد في الميعاد اي انه تحرك من قريته الساعة الخامسة  فجرا.

علاقته بالكنيسة الارثوذكسية بالقرية:

قبل وجود كاهن بالكنيسة الارثوذكسية بنزلة اسمنت. كان القس/ سعد يقوم بمتابعة الكنيسة روحيا بمساعدة بعض الخدام هناك حيث ان المطرانية في ذلك الوقت لم تكن تتابع الكنيسة بشكل جيد.

وكان يذهب لخدمة الكلمة بين الحين والاخر، ومتابعة وتشجيع الخدام هناك. وكان يذهب في الاعياد المختلفة ليلقى رسالة ولهم ومعايدتهم. وبعد مجىء كاهن للكنيسة وهوالفاضل ابونا/ اشعياء جوورجي. لم تنقطع هذه العادة الروحية وكان يذهب للمعايدة عليهم ليلة العيد مع وفد من الكنيسة. وفي صباح اليوم الثاني ياتى الاب/ اشعياء مع وفد من الكنيسة الارثوذكسية للتهنئة بالعيد لشعب الكنيسة الانجيلية. وظلت هذه العادة مستمرة حتى يومنا هذا.

وظلت هذه الروح من المحبة والتآخي  والاحترام بين الراعي والكاهن وبين شعب الكنيستين.

تكريم:

من الجدير بالذكر انه في يناير عام 1997 وقبل انتقاله للمجد باشهر قليله. احتفلت الكنيسة الانجيلية بنزلة اسمنت بمرور 25 عام على خدمته، وحضر الاحتفال أنذاك الفاضل القس/ نبيل ابراهيم بطرس الامين العام لسنودس النيل الانجيلي في ذلك الوقت. وكأن الكنيسة المحلية أرادت تكريمه قبل انتقاله للمجد مباشرة.

في النهاية،

أنا كابن صغير لهذا العملاق الكبير. اتعجب دائما حينما أذهب واتنقل إلى اماكن كثيرة بسبب الخدمة. أسمع هذه البطولات والقصص العظيمة التي لا تنتهي لكنائس أو أفراد. واتحدث الى نفسي: كيف كان يجد كل هذا الوقت وهذه القوة ليخدم في كل في هذه الاماكن الكثيرة ويحدث فرقا شخصيا في نفوس كثيرين. من خلال خبرات ومواقف حياتية وشخصية لكثير من الناس والتي أسمع عنها حتى الآن.

حتى لو فارقتنا بالجسد، لكن تظل روحك وفكرك وخدمتك وعملك وسيطك الحسن حي. في وسطنا كأسرة، ويعيش أيضا في نفوس وقلوب كثيرين، ممن تعاملت أو خدمت معهم وفي وسطهم.

ونحن أيضا كأسرة نكن لشخصك الكريم كل تقدير وحب واحترام. فكل ما نعيش فيه من خير وبركة وتقدير وحب من الناس مسلمين ومسيحيين. ليس بفضلنا الشخصي ولكن من خلال نعمة الله أولا وبفضل خدمتك وسيرتك العطرة ثانيا. نجد تسديد لأغلب إحتياجاتنا وتحقيق أحلامنا في نواحي الحياة- بالبلدي كده- مازلنا نعيش في خيرك حتى يومنا هذا.

فخور بك وسأظل أبي الغالي،

القس/ إسحق سعد إبراهيم

مايو، 2020

1 أفكار بشأن “نبذة عن حياة القس سعد إبراهيم لوندي”

  1. اخي الغالي لقد اوجزت باسهاب في مقالك ولكن ممها تحدثنا وتكلمنا لشهور عديده لن نوفي قدر هذا العملاق الذي ترك أثر كبير في نفوسنا وتعلمنا منه الكثير رغم صغر سننا انا ذاك فقد كان علامة لا يمكن محوها من ذاكرتنا حينما كنا أطفال صغار وهو يقبلنا ويعطينا الحلوي وغير ذلك من الكثير والكثير من المواقف دامت ذكراك خالدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *