تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأرشيف » العبادة وأزمة المكان والزمان

العبادة وأزمة المكان والزمان

church, praying, man

الكاتب

 القس صموئيل عطا

سنودس النيل الإنجيلي 

الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر 

كان الله في العهد القديم يعلن عن حضوره بصور كثيرة كالسحاب والنّار، والدخان، وغيرها من الصور الملموسة التي يستشعرها الناس فيدركوا حضور الله ومجده، ويمكننا أن نرى هذه الصور في خيمة الاجتماع، أو على الجبل مع موسى، أو في البرّية بعد خروجهم من مصر، حيث كان الرب يرافقهم في صورة عمود سحاب نهارا، وعمود نار ليلا، ثم بعد ذلك في الهيكل بمجدٍ عظيم، وكان في الغالب حضوره بهذا الشكل يكون للبركة والحماية لشعبه، وعلى سبيل المثال أيضًا حضوره فوق تابوت العهد “تابوت عهد ربّ الجنود الجالس على الكروبيم” (١ صم ٤ : ٤)، والكروبيم هما الملاكان الذهبيان اللذان كانا فوق غطاء تابوت عهد الرب، لذلك كان هذا التابوت مقدّسا في نظر الشعب جدا، لأن الله كان يُعلن عن حضوره من خلاله، وهكذا. 

أما في العهد الجديد الذي فيه كلّمنا الله في المسيح، فلا حاجة بعد إلى تلك الصور، لأنّ إعلان الله عن ذاته قد اكتمل فيه أي في المسيح الذي “فيه يحلُّ كلّ ملء اللاهوت جسديًا” (كو ٢ : ٩) لكنّه يعلن عن حضوره ليس بصورةٍ معينة، أو في مكانٍ محدد كما كان في القديم، بل في كلّ مكان يجتمع فيه الساجدون الحقيقيون “وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.. (يوحنا ٤: ٢٣)، وتكون الطريقة الوحيدة لإدراك هذا الحضور المهيب هي الإيمان” لأنه ينبغي أنّ الذي يأتي إلى الله يؤمن أنه موجود وأنه يُجازي الذين يطلبونه” (عب ١١ : ٦)، وأيضا في كلّ زمانٍ “صلّوا بلا انقطاع” وأيضا “ينبغي أن يُصلَّى كلّ حينٍ ولا يُمَلّ” (لو ١٨ : ١).

لذلك فإننا بحسب مفهوم العهد الجديد فإننا نستطيع أن نعبد الله في أي مكان وفي أي زمان، واليوم في قلب معاناتنا في هذه الأزمة الحالية من إغلاق دور العبادة طوال الشهور الماضية للحدّ من تفشي الوباء، وبالرغم من رغبتنا وأشواقنا للعودة للعبادة الجماعية بالطريقة التي تعوّدناها في الكنائس والاجتماعات إلا أننا نستطيع أيضا – إلى أن تعبر هذه الأزمة بإذن الله – أن نعبد الله أيضا في كل الظروف، وبكل الطرق لأنه لايوجد ما يمنع حضوره، وبالتالي لايوجد ما يمنع عبادته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *