فهرس الموضوع

بقلم
القس سهيل سعود
السينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان
اليوم العالمي للبيئة
ما موقف لاهوتيي البيئة الانجيليين من الأزمة البيئية؟
“لما وضع للبحر حدّه فلا تتعدّى المياه تخمه. لما رسم أسس الأرض”
(أمثال 8: 29)
خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 حزيران للاحتفال بيوم البيئة العالمي، وذلك بقصد تعميق الوعي العام للحفاظ على البيئة. تشير الاحصاءات، أن أخطر الأزمات التي تواجه العالم اليوم، الأزمة البيئية. فنتائج هذه الأزمة تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية والاقتصادية لأي بلد ما، كيما تضع كل العالم في دائرة الخطر. فمنذ الثورة الصناعية التي أدت إلى إزدهار الكثير من الصناعات في القرن الثامن عشر، تم اكتشاف واستخراج واستخدام مصادرالوقود الحفري المختزن في باطن الأرض وتحت مياه البحار، وهي الفحم والبترول والغاز الطبيعي والغازات الدفينة. فإن استخدام الإنسان لهذه الوقود وحرقها أدى إلى زيادة انبعاثات عدد من الغازات في الهواء أولها ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان وغيرها. فهذه الغازات هي حابسة للحرارة أي تسبب بارتفاع في درجات الحرارة في حيّز طبقات الهواء الجوي القريبة من سطح الأرض، مما أثر على توازنات الطاقة في العالم وأدى إلى تغيير مثبت في المناخ من فيضان إلى تصحر إلى تلوث، كما أدى إلى ازدياد حدة الاختلافات بين الفصول وما يتبع ذلك من تغيرات في المواسم الزراعية وتأثيره على الزراعة والمراعي والغابات وغيرها. بالإضافة إلى تقلّص الغطاء الجليدي في القارتين القطبيتين الشمالية والجنوبية وخطر ذوبان الثلوج فيها، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى مياه البحر وغيرها من النتائج الجدية التي تشكل تهديدًا لحياة الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، فإن اساءة تعامل الإنسان مع الطبيعة والغابات فاقم الأزمة البيئية. تظهر دراسة احصائية قامت بها مجموعة مؤلفة من 2000 عالم فيزيائي، أن طريقة تعامل الإنسان مع الغابات. ساهم في تفاقم الازمة، إذ إنه خلال الخمسين العام الماضي، دمر الإنسان أكثر من 50% من غابات العالم، مما أدى إلى ازدياد الغازات الضارة في الهواء إلى 20% وأثر على خصوبة التربة.
أمام هذه الأزمة البيئية المستفحلة، برز منذ النصف الثاني من القرن العشرين، اهتمام انجيلي كبير لدى بعض اللاهوتيين الانجيليين للعناية بخليقة الله وبالطبيعة والبيئة، فسموا “بلاهوتيي البيئة” . وضعوا هدفا أمامهم، ألا وهو اعادة قراءة قصة الخلق وعناية الله بخليقته في الكتاب المقدس بطريقة جديدة على ضوء الازمة البيئية المستفحلة، كيما يوجه المؤمنين إلى طريقة معالجة الازمة من منطلق روحي وكتابي. فلاهوتيو البيئة الانجيليون عادوا الى الكتاب المقدس ليعلنوا ويؤكدوا أن الله الخالق خلق كل الكون على أسس ثابتة ومترابطة ومتكاملة ومتوازنة مع بعضها البعض، لهذا فان خليقة الله المتنوعة من انسان ونبات واشجار وانهار وحيوانات وغيرها هي بحاجة لبعضها البعض، كيما تحافظ على الترابط والتوازن والانسجام والتكامل فيما بينها. فكاتب سفر الأمثال يذكر أن الحكمة كانت هناك عندما خلق الله الكون، وأن الكون مخلوق بتوازن دقيق جدا. يذكر النص :”لما ثبّت السموات كنت هناك أنا. لما رسم دائرة على وجه الغمر. لما أثبت السحب من فوق. لما تشدّدت ينابيع الغمر. لما وضع للبحر حدّه فلا تتعدّى المياه تخمه. لما رسم أسس الأرض” ( أمثال 8: 27-29). يعزو بعض لاهوتيي البيئة السبب الاساسي للازمة البيئية الى الخطيئة؛ خطيئة الانسان الذي تمرد على الله وابتعد عنه ورفض الاصغاء لصوته وتصرف بجشع وطمع وانانية وبعدم احترام ومسؤولية، ليس فقط مع أخيه الانسان ولكن مع الطبيعة خليقة الله.
نظر لاهوتيو البيئة الى الأزمة البيئية على أنها، بالدرجة الاولى أزمة روحية. تخبرنا قصة الخلق في الكتاب المقدس انه عندما خلق الله آدم، فقد سلّطه على أعمال يديه، ومنحه الامتياز والسلطة كيما يسمّي الحيوانات بأسماءها وأوكله على كل خليقته كي ما يستخدم سلطته بمسؤولية وأمانة، لكن ويا للأسف، فقد خان الانسان الأمانة بسبب خطيئته وجشعه ومصالحه الخاصة، فاستغل السلطة التي منحه اياها الله، وبدلاً من أن يعنى بخليقة الله ، دمر جزءًا كبيرًا منها، وهكذا افقدها توازنها وانسجامها وترابطها وتكاملها، مما أدى إلى هذه الأزمة التي نشهدها. صرح الاسقف الانجيلي الاسقفي جيمس بروان قائلاً: “بعد اعادة قراءة الكتاب المقدس على ضوء هذه الازمة البيئية، فإني أقول نحن بحاجة “للتوبة البيئية”. نحن بحاجة للتوبة بكل ما تحمل كلمة “التوبة” من معنى روحي، في الرجوع الى الله ، في اعادة توجيه الله لكامل حياة الانسان المؤمن في الفكر والقول والعمل. فالتوبة البيئية تتضمن خطوتين، الأولى: الاعتراف بالخطية، الاعتراف بفشل الانسان في العناية بخليقة الله والاقرار بذنب الاساءة والتدمير التي سببها والندم على الذي فعله. والثانية: التعهد أمام الله بعدم تكرار كل أنواع الخطايا ومنها الخطايا البيئية، التعهد والالتزام بالمسيح وعيش الايمان بالحفاظ على علاقة روحية تصالحية ليس فقط مع الله، ولكن مع اخيه الانسان، وأيضاً كل خليقة الله الاخرى، بالعناية بها والمحافظة عليها والعمل بكل الوسائل الممكنة على شفاءها من جراحاتها.
- حيرة العقل أمام الصليب – المصلح مارتن لوثر
- النظر الى الألم بمنظار أبدي- المصلح جون كالفن
- تفسير المصلح جان كلفن لظاهرة محيّرة رافقت موت المسيح
- المعلم الانجيلي بطرس البستاني: أبّ النهضة العربية
- ماذا قصد كاتبو قانون ايمان الرسل: أن المسيح نزل الى الهاوية؟
- أسلحة الموت: القلق واليأس والشعور بالذنب – المصلح مارتن لوثر
- هل هناك من تراتبية روحية بين القسوس وباقي المؤمنين بالمسيح؟ المصلح الانجيلي مارتن لوثر
- من اجمل ما كتب عن الموسيقى – المصلح مارتن لوثر
- المصلح فيليب ميلنكثون – دور التربية في اعداد مواطنين صالحين للكنيسة والمجتمع
- نقل مسؤولية التعليم من الأهل والكنيسة، الى الدولة ليكون متوفرا للجميع