
بقلم
القس سهيل سعود
السينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان
كيف يصف قانون الايمان النيقاوي-القسطنطيني الروح القدس؟
“نؤمن بالروح القدس، الربّ المحيي، المنبثق من الآب والإبن…”
عندما صاغ آباء الكنيسة قانون الإيمان النيقاوي عام 325 في مجمع نيقيا، فإنهم لم يذكروا عن الروح القدس إلاّ عبارة واحدة، التالي نصّها: “وأؤمن بالروح القدس”. إلاّ أنهم إكتشفوا لاحقًا أن تلك العبارة لا تصف بشكل منصف شخص وعمل الروح القدس في الكنيسة. لهذا، فإن الآباء إجتمعوا ثانية في مجمع القسطنطينية عام 381 وأضافوا بعض الكلمات التي توضح شخص وعمل الروح القدس. فأضحى الوصف كالتالي في ما يُسمّى قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني الذي نتلوه في كنائسنا: “نؤمن بالروح القدس، الربّ المحيي، المنبثق من الآب والإبن، المسجود له والممجد مع الآب والإبن، الذي تكلّم بالأنبياء”. هدف هذا التوضيح إلى أمرين: الأول، الإشارة إلى وحدة الروح القدس مع الآب والإبن. الثاني، الإشارة إلى طبيعة ما يميّز الروح القدس عن الإقنومين الآخرين. ووجه الشبه بين الروح القدس والآب والإبن.
أراد آباء الكنيسة أن يعبّروا عن إيمانهم أن الروح القدس يشارك الآب والإبن في نفس اللقب الذي هو “الرب”. وأنه يعطي الحياة “الربّ المحيي”. وهذا اللقي يشير بوضوح إلى الخليقة التي تمّ ربط الآب والإبن فيها سابقًا في قانون الإيمان النيقاوي. فالروح القدس يشارك في الحمد والمجد الذي يقدّم للآب والإبن. لهذا، فإن الروح القدس يعبد مع الآب والإبن، “المسجود له والممجّد مع الآب والإبن”.
فالروح القدس أعلن عن نفسه وعمل في حياة الأنبياء كيما ينقلوا إليها كلمة الله، الكتاب المقدس. تكلّم فيهم، فكلّمونا. أوصى إليهم بالكلمة في التاريخ، في العهد القديم والجديد. وبالتالي، بهذا الإعلان هو عمل إلهي يشترك فيه الأقانيم الثلاثة، الآب والإبن والروح القدس. ولكن لكل أقنوم مهمته الفريدة في إعلانه. وهذا الأمر يصفه بوضوح الرسول بطرس الذي قال، الروح القدس هو الذي يربطنا بالله من خلال ابنه يسوع المسيح. أن نبؤات الأنبياء أتت بوحي من الروح القدس “لأنه لم تأتِ نبؤة قطّ بمشيئة إنسان، بل تكلّم بها أناس الله القديسيون مسوقين من الروح القدس” (2طبرس11: 21). كما يلاحظ أن القسم الذي يتحدّث عن الروح القدس في قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني معطوف أو مربوط بالقسم الذي يتحدّث عن الكنيسة “ونؤمن بالروح القدس… ونعتقد بكنيسة واحدة”. السبب هو أن الكنيسة هي نتيجة عمل الروح القدس. فلا يمكن أن نفكّر في الروح القدس دون أن نفكّر في الكنيسة. والعكس هو أيضًا صحيح. إذ لا يمكن أن نفكّر في الكنيسة دون أن نفكّر في الروح القدس.
لماذا وضعت تلك التوضيحات؟
بعد كتابة قانون الإيمان النيقاوي عام 325، فقد ظهرت أفكار هرطوقية أنكرت ألوهية الروح القدس. البعض نظروا إلى الروح القدس كقوة إلهية سرية. كنوع مميّز من الملائكة. وذلك لأن كلمة “روح” تستخدم أيضًا لوصف الملائكة كما قال كاتب العبرانيين “أليس جميعهم (الملائكة) أرواحًا خادمة”؟ (عبرانيين1: 14). كتب القديس باسيليوس الكبير كتاب يؤكّد فيه على ألوهية الروح القدس. وبالتالي، لتأكيد المجمع القسطنطيني النيقاوي على ألوهية الروح القدس الكاملة فقد قام بتلك التوضيحات:
وصف قانون الإيمان الروح القدس بلقب “الرب”. وكل من يقرأ الترجمة اليونانية للعهد القديم يعلم ما تعني كلمة “الرب”. إنه الرب، سيّد العالم. الروح القدس هو مشارك أبدي مع الآب والإبن في الخليقة والمحافظة عليها وفي شفاء العالم.
الروح القدس في قانون الإيمان لا يظهر من لا شيء. إنه في خلق العالم، في تجسّد المسيح. يذكر سفر التكوين: “في البدء خلق الله السموات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه القمر ظلمة. وروح الله (الروح القدس) يرف على وجه الأرض المياه” (تكوين1: 1-2). وعند تجسّد المسيح، ظهر الملاك جبرائيل لمريم العذراء، وقال لها: “الروح القدس يحلّ عليك وقوّة العليّ تظلّلك. فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يُدعى إبن الله” (لوقا1: 35). الله خلق كل شيء بالابن من خلال الروح القدس. يقول القديس سيريل الإسكندري: “إنه الآب الذي يعمل ولكن بالإبن في الروح القدس”.
- حيرة العقل أمام الصليب – المصلح مارتن لوثر
- النظر الى الألم بمنظار أبدي- المصلح جون كالفن
- تفسير المصلح جان كلفن لظاهرة محيّرة رافقت موت المسيح
- المعلم الانجيلي بطرس البستاني: أبّ النهضة العربية
- ماذا قصد كاتبو قانون ايمان الرسل: أن المسيح نزل الى الهاوية؟
- أسلحة الموت: القلق واليأس والشعور بالذنب – المصلح مارتن لوثر
- هل هناك من تراتبية روحية بين القسوس وباقي المؤمنين بالمسيح؟ المصلح الانجيلي مارتن لوثر
- من اجمل ما كتب عن الموسيقى – المصلح مارتن لوثر
- المصلح فيليب ميلنكثون – دور التربية في اعداد مواطنين صالحين للكنيسة والمجتمع
- نقل مسؤولية التعليم من الأهل والكنيسة، الى الدولة ليكون متوفرا للجميع