تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأرشيف » فرحين فى الرجاء: كيف؟

فرحين فى الرجاء: كيف؟

woman, praying, believing-571715.jpg

الكاتب

 القس عيد صلاح

راعى الكنيسة الإنجيلية بعين شمس

سنودس النيل الإنجيلي 

الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر  

فرحين في الرجاء

كيف؟

تأملنا من قبل عن لماذا نفرح في الرجاء؟ واليوم نتأمل عن كيف نفرح في الرجاء؟ بالارتباط بقصة الميلاد التي جعلت من الرجاء واقع ملموسًا حيث تعلن عن تدخل الله بصورة عجيبة وبمبادرة إلهية مدهشة “وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.” (1 تي 3: 16).

في أيوب نقرأ “وَتَطْمَئِنُّ لأَنَّهُ يُوجَدُ رَجَاءٌ.” (أي 11: 18). وفي الميلاد الذي كان رجاءً تم فيه رسالة الطمأنينة يتحقق لنا الطمأنينة. والسمة التي خيَّمت على حدث الميلاد عبر شخوصه هي سمة الخوف، فكان الخوف هو العامل المشترك بين معظم شخوص الميلاد، نرصد ذلك في خمسة شخصيات، وهي:

  • يوسف: “وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (مت 1: 20). لكن بالرغم من هذا الإعلان يقول متى عن يوسف أنه خاف وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا». (مت 2: 22-23).
  • هيرودس: “فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ.” (مت 2: 3).
  • مريم: فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ! فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.” (لو 1: 29-30).
  • الرعاة: وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ.” (لو 2: 8-10).
  • زكريا: فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا.” (لو 1: 12-13). ونقرأ أيضًا:  “فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ. (لو 1: 65).
  • نلاحظ أن الخوف هو العامل المشترك بين الجميع من هم في البادية كالرعاة، ومن هم في القصور كهيرودس الملك، رجال كيوسف ونساء كمريم، رجال الدين كزكريا والعلمانيين كالرعاة، كبار كزكريا وصغار كمريم. ونعرف أيضًا سبب الخوف مختلف، خوف يوسف ليس كخوف هيرودس، وخوف مريم ليس كخوف الرعاة، وخوف زكريا مختلف عن خبرات الخوف السابقة. بعد خبرة الخوف يكون الواقع مختلف كان للأفضل دائمًا باستثناء خوف هيرودس الذي قاد إلى العنف بقتل الأطفال.
  • والبشرية وهي تجتاز خبرة الخوف تجد الطمأنينة في شخص المسيح وتجد تبريرًا أيضًا لعدم الخوف، فبالنسبة إلى مريم ويوسف كانت الإجابة هي الروح القدس: “لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (مت 1: 20). ونفس الإجابة لمريم: “فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” (لو 1: 35). وبالنسبة للرعاة كانت الإجابة في شخص المسيح: “وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ».” (لو 2: 12).
  • التعليم بعدم الخوف ليس مبنيًا على وعود واهية، ولكن مبنية على تدخل الله في التاريخ بعمله الخلاصي، والذي ونحن نجتاز رحلة وخبرة الخوف أو القلق نتيجة لظروف صعبة من حولنا نجد رسالة الطمأنينة في شخص الثالوث القدوس: الآب والابن وعمل الروح القدس.
  • يوسف عبَّر عن الاطمئنان بقيامه بأعمال عظيمة نتيجة لطاعته لصوت الله. ومريم عبَّرت عن الاطمئنان بذهابها إلى أليصابات وفي نفس الوقت تنشد أنشودة في غاية الجمال تعبر عن الثقة الكاملة في الله. فَقَالَتْ مَرْيَمُ: تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.” (لو 1: 46-55). ونجد أيضًا أن الرعاة عبروا عن اطمئنانهم بالذهاب ورؤية الصبي يسوع. زكريا يظل صامتًا لحين ولادة زكريا.
  • في قضية الخوف ظهر اتجاهان: الأول مع هيرودس والثاني مع يوسف. الاتجاه الأول: هيرودس اضطرب وكان رد فعله في غاية الصعوبة حيث استخدم الدهاء والرياء مع المجوس بالإضافة إلى تملك الخوف عليه فتله الخوف ونتيجة ذلك قتل جميع الأطفال من سن سنتين فما دون. تمركز هيرودس حول ذاته وليس حول المسيح، حين يتملك الخوف الإنسان يشل تفكيره فلا يتخذ القرارات الصحيحة، الخوف مع هيرودس قاد لأعمال سلبية.
  • الاتجاه الثاني: الخوف لدى يوسف بعد العودة من مصر جعله لا يكرر نفس الخبرات السابقة مع أرخيلاوس ابن هيرودس، فلم يمكث في الجليل ولكنه ذهب إلى الناصرة. غير مكان الإقامة، الخوف جعله يأخذ قرارات صحيحة نتيجة لخبرات العنف السابقة، فوصل إلى أفضل الحلول، وهنا الخوف قاد لعمل سلبي.

ختامًا، رسالة الميلاد هي رسالة الطمأنينة، نطمئن لأنه يوجد رجاء، وهذا الرجاء هو في شخص المسيح وحده. الخوف خبرة ولكن الاطمئنان خبرة أفضل وأكبر، الخوف خبرة لكن لا نسمح لها بأن تقتلنا، الخوف خبرة ولكن لا نسمح لها بأن تفقدنا سلامنا. الخوف خبرة لا تشل حركتنا ولكن قد تدفعنا إلى اتخاذ قرارات صحيحة كيوسف.

مهما كانت الظروف من حولنا، الصوت بالمفرد لكل شخص يقول الكتاب لا تخف، ولا تخافي، وبالجمع: لا تخافوا. وتكون ترنيمتنا:

لا أخاف لا أخاف أي شر بوادي الظلام

فمعي راع امين ماسك يدي اليمين

لي فيه راحة وسلام

احتفال الميلاد، الجمعة 6 يناير 2023م

القس عيد صلاح

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *