تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأرشيف » قصة الميلاد تعلن: كفاية شخص المسيح

قصة الميلاد تعلن: كفاية شخص المسيح

christmas, saviour, birth-2874137.jpg

الكاتب

 القس عيد صلاح

راعى الكنيسة الإنجيلية بعين شمس

سنودس النيل الإنجيلي 

الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر  

الشخصية المحوريّة في قصة الميلاد هي شخصية المسيح، الذي دار حوله الجميع من النجم في السماء لارتكاض الجنين في بطن إليصابات، وهو الذي فيه تحقَّقت كافة نبوات العهد القديم. وقد أعلنت قصة الميلاد بصفة خاصة عن كفاية شخص المسيح فهناك إعلانات كثيرة حول هذا الأمر، وقد ظهر في إعلانين مهمين، هما: الأولى، في الميلاد (لوقا 2: 8-20) والثاني، في بداية الظهور العلنيّ للمسيح (يوحنا 1: 29-34).

الإعلان الأول: كفاية شخص المسيح لأنه يخلص

كان الإعلان الأول في إنجيل لوقا للرعاة: “أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ” (لوقا 2: 11) يتماشى مع الإعلان الأول في إنجيل متى ليوسف: “فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ” (متى 1: 21) وكلا الإعلانين يركزان على مهمة ورسالة شخص المسيح: يخلص، مخلص.

تميز البشير لوقا بالإشارة إلى الرعاة كما اختص أنجيل متى بالإشارة إلى المجوس. لماذا الرعاة؟ قد يكون لأنهم بسطاء فقراء ضعفاء وهذا هو فكر الله خلال الكتاب المقدس أنَّه لا يعمل مع القوي، ولكن يعمل من خلال الصغير الضعيف والفقير فعمل الله من خلال شيث يعقوب وجدعون وداود وسليمان وتلاميذ المسيح…إلخ.

وقد يكون الإشارة للرعاة لأنَّهم يرعون رعية الهيكل التي كانت مخَّصصة للذبائح التي تقدم في الهيكل. وبالتالي الإعلان له خصوصيته أنَّه ليس بالذبائح الحيوانيّة يكون الخلاص ولكن الخلاص هو من مولود بيت لحم. ومن هنا تعلن السماء للأرض وللبشريّة كلها عن كفاية شخص المسيح لخلاص جميع الشعب، فهذا هو المخلص الذي يخلص من الخطايا.

كان الإعلان للرعاة مقدمة ونهاية في ثلاث أمور: الأمر الأول: “لاَ تَخَافُوا” لو 2: 10 وهي من أهم عبارات الميلاد حيث وردت بصيغة المفرد ليوسف مت 1: 20، ومريم لو 1: 30، ومن قبل لزكريا لو 1: 13.  الأمر الثاني: “أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ”، فالفرح مصاحب للميلاد، الأمر الثالث: “الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ” لو 2: 14، والسلام يعني أكثر من مجرد هدنة حرب ولكنها تعني الصحة والنجاح والأمن والكمال. وبين الفرح والطمانية في المقدمة والسلام والفرح في الخاتمة يكون المركز هو المخلص، فالطمأنية والفرح والسلام إمكانية متاحة وقرينة بشخص المسيح والمسيح وحده الذي فيه كفايتنا وأمننا وسلامنا وفرحنا.

الإعلان الثاني: كفاية شخص المسيح لأنه حمل الله الذي يرفع خطية العالم

القاريء لإنجيل يوحنا يرى أنَّه اتخذ مدخلان مهمان جدًا: الأول هو التعبير عن شخص المسيح بالكلمة وهو مدخل يفهمه اليونانيّ: “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ.” (يوحنا 1: 1-2) ويستخدم كلمة “الحمل” وهو مدخل يفهمه اليهوديّ: “هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَم” (يوحنا 1: 29).

الكلمة مفهوم فلسفيّ يونانيّ والحمل مفهوم طقسيّ يهوديّ يستخدم مدلول الفصح اليهوديّ للتأكيد على عمل الله الخلاصيّ في التاريخ. الحمل ضعيف ولكنه يرفع خطية العالم، الكنيسة ضعيفة ولكنها يمكن أن تغير، ويمكن أن تنتصر، نحن ضعفاء ولكن لنا تأثير. لذا المسيح كفايتنا لأنه هو حمل اله الذي يرفع خطية العالم. رسالة الميلاد تعلن وتؤكِّد لنا عن كفاية شخص المسيح.

أيضًا عندما تحدّث يوحنا عن مفهوم الكلمة أراد أنْ يقول إنَّ مؤسّس هذا الكون ومحركه والمسئول عنه هو المسيح ونجد هنا كيف طوَّع يوحنا الرسول الثقافة لخدمة الإنجيل، فمتى ركَّز على الخلاص ويوحنا أشار إلى الحمل الذي يرفع خطية العالم، والكلمة الذي هو محرك العالم ومنشئه، هنا نرى الضعف والقوه يمتزجان معًا فهو يبدو ضعيفًا ولكنه إله الكون ومحركه هو أصل الكون وأيضًا هو حمل الله موضوع الخلاص.

من خلال إعلان المسيح عنه نفسه بعبارة “أنا هو” بيَّن كفايته في الذي يشبع: “فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا.” (يو 6: 35). وهو النور الحقيقي الذي أتى إلى العالم لينير: “ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلًا: أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ.” (يو 8: 12). وهو الطريق الوحيد للخلاص: “أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى.” (يو 10: 9). وهو الراعي الصالح الذي يقود: “أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.” (يو 10: 11). وهو القيامة والحياة “قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا” (يو 11: 25). وهو الطريق للحق والحياة: “قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.” (يو 14: 6). وفيه وحد الثبات والإثمار: أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ” (يو 15: 1). وهو الذي قال: “لأَنَّ الْجَمِيعَ رَأَوْهُ وَاضْطَرَبُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا».” (مر 6: 50).

الإعلان الأول للرعاة عن كفاية شخص المسح كمخلص وإعلان يوحنا إنَّه حمل الله الذي يرفع خطية العالم. والذي عُبَّر عنه سفر أعمال الرسل بكل وضوح ويقين: “وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ” (أعمال الرسل 4: 12). فلنعيد ولنفرح ولنبتهج لأن المسيح كفايتنا.

#كفاية_شخص_المسيح

خدمة صباح الأحد 1 يناير 2023م

القس عيد صلاح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *