تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأرشيف » كيف تنتقم من أعدائك؟

كيف تنتقم من أعدائك؟

revenge, enemy, anger-492560.jpg

بقلم

مينا عبدالله أنس

 

كيف تنتقم من أعدائكَ؟!

قد يكون العنوان غريبًا بعض الشيء، ولكن تأكد أنه سيؤدي بك إلى الانتصار، ولا مجال للخسارة أمام من يكرهك بعد العمل بهذه الخطة الثلاثية لكي تأخذ انتقامك الذي تريدهُ، ولكن على طريقًا آخر. وهنا أعني الانتقام من الخطية والظلام الفكري المحيط بنا وليسَ الانتقام من أشخاص! فالانتقام من وجهة نظري في هذه الفكرة: يكمن في تحقيق مجد الله على الأرض، والحصول على السلام النفسي والروحي، والتصالح مع الآخر من جهتك وليس كأفكار وردود أفعال متبادلة في الحدة والشدة، ولكن كإنسان_كصورة الله.  فقال جون كالفن عن نظرتنا للآخر: “لا يجب أن نفكر في شر البشر بل أن ننظر إلى صورة الله فيهم، الصورة التي تغطي عيوبهم وتطمسها، وهي صورة بجمالها وكرامتها يجب أن تجذبنا إلى حبهم واحتضانهم.” نعم،  فالمسيحية لها نظره تختلف عن نظرة العالم في التعامل مع الآخر، ثلاثة أمور تقودنا للنصرة على مملكة الشر، أولًا: حِب أعدائك. ثانيًا: أُترك ساحة المعركة. ثالثًا: لا تذكر ما صدر من شر مرة أخرى.

أولًا: حب أعدائك.

إن ما يجعل الإنسان خاسرًا أو فائزًا: هو رد الفعل تجاه الأفعال والأشخاص، فالفائز يتوقع رد فعل يبني على أساسهُ ما أرادهُ، والخاسر هو من يجد رد فعل عكس ما توقعه. ولذلك عندما يعاديكَ شخصًا ما، فالعمق الفكري بداخلهُ تجاهكَ هو توقع الشر، وعندما يحدث هذا يشعر بارتياح في استكمال صراعهُ بُنئًا على ما توقعه وأستعد له. ولكن إذا قدمت المحبة تجاه هذه الضغينة، فيشعر بالخسارة، فالقوي والمنتصر هو من يحب، كما قال السيد المسيح: أحبوا أعدائكم، فالانتصار دائمًا هو للمحبة. فاذا أردا عدوك الانتصار عليك قدمَ أيضًا المحبة، ولكن إذا ظل في كرهُ تأكد أنه مازال الأضعف والخاسر، والنصرة في داخله ليست له ولكن لقوى الظلام. فكما قال أغسطينوس: “احبوا كل الناس حتى أعداؤكم. أحبهم، ليس لأنهم إخوتك، ولكن لكي يصبحوا إخوة لك.” نعم، فالحب ليسَ فقط انتصار على الشر بل أيضًا تغيير وتشكيل في الآخر، فانشروا ثقافة الحب لأنها بوابة الأرض للسماء.

ثانيًا: أُترك ساحة المعركة.

أتذكر مشهدًا من أحد الصراعات في حلبة المصارعة من أجل إمتاع الجمهور، عندما قام الخصم بضرب الذي أمامهُ، كان رد فعل الآخر هو ترك الحلبة. فما خرج من هذا الخصم سوى الغضب! لأنهُ كان يتوقع بقاء هذا الشخص للنزال والقتال. حين تجد نفسك في داخل عداء مع شخصًا ما، إذا كان موقفًا ما يشير لهذا الصراع، فأترك هذا الموقف وأترك تلك المنطقة الملتهبة بالشر، فتصبح أنت الفائز. وعدوك إذا رغب في الفوز نزل و وضع يديهِ على كتفك، وذهبتم سويًا في سلام. فالمشكلة تكمن في نظرتنا في المجتمع الشرقي، أن ترك ساحة المعركة في الحياة اليومية بين أبناء المجتمع الواحد، تعني بالنسبة للكثيرين الخوف والضعف! وهذا مفهوم خطا تمامًا، فترك ساحة المعركة هو قوة، حُبًا في الآخر على أمل اللقاء في مكان نستطيع أن نعالج خلافتنا ونقترب الواحدة للآخر بحب وقبول وغفران.

ثالثًا: لا تذكر ما صدر من شر مرة أخرى.

إن الشيء الذي يرعب مملكة الشر هو أن لا نعير لها اهتمام. ولذلك ما يرعب مملكة إبليس هو أن لا نتذكر ما صدر من خطأ عن الآخرين، أن لا نمتلئ بالمرارة التي تؤدى للانتقام، سيتفاجأ عدوك حينما يرى أنك لا تذكر له ما صدر منه من شر تجاهك غافرًا إياه. فالله عندما غفر ذنوبنا قال: لا أعودُ أذكرها. فثقافة رد الفعل أساس كل علاقة، ونور لكل طريق، إذا ما أحسناَ استغلالها جيدًا. فاذا تجاوبت بما أردهُ الشر تأكد أنك من الخاسرين وهو أيضًا، فلا أحد يفوز داخل مملكة الظلكمة، ولكن ستنتصر عندما تحب وتترك وتنسى. فهكذا قال ملوك الملوك يسوع المسيح، مَن بذل ذاته لأجل خلاص العالم بدافع الحب: 43 سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك. 44 وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، 45 لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين. البشارة حسب متى 5: 43 _ 45.

وأختم بكلمات يوحنا ذهبي الفم المستوحى من كلمات مُعلمنا يسوع المسيح: حيثما توجد المحبة، يوجد أمان وبركة الله العظيمة. الحب هو أم كل النعم أصلها ومصدرها؛ أنها نهاية الحروب وإبادة الفتنة. في الواقع، مثلما يتسبب الخلاف والنزاع في الموت والوفاة قبل الأوان، كذلك ينتج عن الحب والوئام السلام والشركة، وحيث يوجد السلام، يكون كل شيء في الحياة آمنًا. لماذا نتحدث عن الحاضر فقط؟ الحب يجلب لنا السماء والبركات التي لا توصف؛ إنها ملكة الفضائل.

مينا عبدالله أنس

طالبٌ بكليّةِ اللّاهُوتِ الإنجيليّة

تم نشر هذه المقالة بجريدة الطريق والحق، العدد 195 ديسمبر 2021

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *