فهرس الموضوع

بقلم
مينا عبدالله أنس
طالب بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة
وقال الرب الإله: ليسَ جيدًا أن يكون آدم وحده، فأصنع له مُعينًا نظيره. وأما لنفسه فلم يجد مُعينًا نظيره (تكوين 2: 18، 20). هناك نظرة محدودة لكلمة معين هنا، ففي الماضي الناس كان لديهم فهم فقير لكلمة “معين/helper” التي استخدمت للإشارة إلى المرأة الأولى. فالكثير من الناس اعتقدوا أنَّ المرأة الأولى، وكل النساء بصورة عامة خُلقوا من الله ليسَ أكثر من مساعدين أو تابعين للرجال! بالإضافة لذلك ساد الاعتقاد بأن هذه المساعدة اقتصرت على رعاية الأسرة والمنزل وتلبية احتياجات الزوج ومطالبه! ولكن لماذا هذه الرؤيا المحدودة لكلمة المعين في الإشارة إلى حواء! في اللغة الإنجليزية كلمة “معين/helper” مساعدة لها مجموعة واسعة من الدلالات والمعاني. “مساعدة” ممكن أنّ تشير ببساطة إلى فعل متواضع أو تشير إلى شيء حيوي جدًا وهام. مثال على ذلك، تشير للمساعدة الحيوية التي يقدمها الأطباء للناس. في اللغة العبرية الكلمة “معين” المستخدمة في (تكوين 2: 18، 20) هي عيزر”עֵ֖זֶר”، واستخدمت دائمًا في العهد القديم في سياق حيوي وهام في ضوء أحداث قوية من الإنقاذ والتدعيم والمساندة.
كيف استخدمت كلمة “عيزر/معين” في العهد القديم؟
الاسم “عيزر” استخدم حوالي (21 مرة) في العهد القديم في العبرية: مرتين في سياق المرأة الأولى في عدن، ثلاثة مرات مع ناس تقدم المساعدة (سواء نجحت أو لا) عند تهديد الحياة. ستة عشر مرةً استخدمت للإشارة إلى الله كمعين. وهذه النصوص الكتابية تتحدث عن نوع حيوي وقوي من المساعدة، وبالرغم من ذلك، اليوم عندما يتم استخدام كلمة “عيزر/معين” على المرأة الأولى، فإن معناها يتضاءل ليناسب وجهات النظر التقليدية والثقافية لدور المرأة. فيقول جون ولتون في تعليقه على سفر التكوين عن كلمة “معين/عيزر” في العهد القديم: كلمة “المساعد/المعين” شائعة بما يكفي كوصف لشخص يأتي للمساعدة أو يقدم خدمة لشخص ما، وهذه الكلمة لا تحمل أيّ آثار فيما يتعلق بالعلاقة أو الوضع النسبي للأفراد المعنيين. في الواقع إنّ الصيغة الاسمية للكلمة الموجودة في هذه الآية كما هي مستخدمة في أيّ مكان آخر، تشير بشكل حصري تقريبًا إلى الله باعتباره الشخص الذي يساعد شعبه، إذا قمنا بتوسيع بحثنا ليشمل الصيغ اللفظية، فإننا نجد هيمنة مستمرة على الله. على الرغم من وجود عدد قليل من الأحداث حيث يساعد الناس بعضهم البعض: أشخاصًا يساعدون جيرانهم أو أقاربهم (إشعياء 41: 6)، وأشخاصًا يساعدون في تحالف سياسي (عزرا 10: 15) ، وتعزيزات عسكرية (يش. 10: 4 ؛ 2 صم. 8: 5). لا شيء يشير إلى حالة التبعية للشخص الذي يساعد؛ في الواقع العكس هو الأرجح _ بالتأكيد لا يمكن فهم “المساعد” على أنه نقيض أو مكمل لـ “القائد”. ويسلط روبرت ألتر الخبير الشهير في الأدب واللغة العبرية، الضوء على القوة الضمنية في كلمة عيزر/المعين: في تعليقه على (تكوين 2: 18) في ترجمته للكتب الخمسة الأولى من الكتاب المقدس العبري، كتب ترجمة كلمة “المساعدة help ” ضعيفة جدًا لأنها تشير إلى مجرد وظيفة مساعدة، في حين أن “عيزر” تشير إلى التدخل النشط نيابة عن شخص ما؛ خاصة في السياقات العسكرية كما هو الحال غالبًا في المزامير. ألتر يترجم “عيزر كينيغدو/معين نظيره” على أنه “المعين بجانبه”.
نرى أنَّ لكلمة “عيزر/معين” فعل قوي وخاص بالإنقاذ في (خروج 18: 4)، فنعرف أن موسى سمى واحد من أبناءه أليعازر الذي يعني في العبرية “الله عوني” إيلي: إلهي _ عيزر: معين. فهذه الآية تشرح سبب تسمية موسى لابنه أليعازر: لأن الله أنقذ موسى بقوة من سيف فرعون! فيصف الاسم “عيزر” جوانب من شخصية الله: إنه قوتنا، منقذنا، حامينا ومساعدنا! وعيزر هي الكلمة التي استخدمها الله لوصف المرأة الأولى، حواء شخصًا يعطي قوة حيوية لآدم. فليست مجرد معين ولكن معين مناسب متساوي، فكلمة “عيزر” موصوفة بالكلمة” كينجدو/ כְּנֶגְדּֽוֹ” في كل من (تكوين : 2: 18، 20) وكينجدو تُترجم أحيانًا على أنها “مناسبه له/ مساويه له” فهي تعطي معنى أن حواء صُممت لتكون شريكًا مناظرًا ومتساويًا لآدم. لا يوجد إحساس بالتبعية مذكور أو ضمني، أو حتى تم التلميح إليه. فعيزر كينجدو: معين نظير متساوي مناسب له، استخدمت للإشارة للمرأة في تكوين 2 بدون أيّ مؤهلات ضيقة أو حدود مقررة أو قيود ثقافية. ولم يُحدد في (تكوين 2) كيف كانت أول امرأة تعبر عن مساعدتها تجاه زوجها. من المفترض أنه كان للتخفيف من عزلة الرجل والمشاركة معه في رعاية الجنة، ويمكنهم معًا أن يتمموا المهمة المعطاة للبشرية في (تكوين 1: 28) وباركهم الله وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الأرض، وأخضعوها، وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض. لسوء الحظ، افترض الكثير من الناس أن دور المرأة أن تكون تابعًا أو مساعدة. لقد قرأ هؤلاء الأشخاص الفصل الثاني من سفر التكوين بمفاهيم ضيقة ومسبقة، وفشلوا في رؤية التعبيرات الرائعة للمساواة والألفة والوحدة في هذا النص بين المرأة والرجل.
الاسم: مينا عبدالله أنس
تم النشر في جريدة الطريق والحق، مترجم، العدد 201 الصادر في يونيو 2022